responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح    الجزء : 1  صفحة : 323
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نُجيب على بعض الأسئلة.
الأسئلة:
س[1]/ قال هل نفهم من كلام المؤلف في قوله (وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) أنَّ الأنبياء لا يُعطونَ كُتُبَاً مُنَزَّلَة؟ وهل كلّ رسول لابد أن ينزل عليه كتاب؟ نرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا.
ج/ ذكرنا في شرح كلام الطحاوي رحمه الله أنّ الكتب يُعْطِيها الله - عز وجل - الرسل حُجَّةً لهم، هذا هو الأصل، وقد يعطيها نبيا من الأنبياء، قال - عز وجل - {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [1] ، وداوود في أحد الأقوال أنَّهُ كان نبياً في بني إسرائيل ولم يكن رسولاً.
المقصود أنَّ الكتب الأصل العام فيها أنه يعطيها الله - عز وجل - رسله؛ لأنَّ الكتاب حجة وفيه شريعة هذا هو الأصل في ذلك، فنؤمن بكتب الله - عز وجل - التي أعطاها أنبياءه ورسله؛ لكن النفي بأنَّ النبي لا يُعْطى كتاب أصلاً هذا يحتاج إلى دليل.
س2/ ما حكم من أنكر الملائكة أو الجن أو المهدي والدجال؟ وهل من أنكر واحداً من هذه الثلاث كافر؟ وما وجه التفريق بين تكفير من أنكر الملائكة وعدم تكفير من أنكر المهدي أو الجن مع أنَّ كلها من الغيب وثابتة بالنص؟
ج/: ذكرنا أنَّ من أركان الإيمان، الإيمان بالملائكة.
وضبطنا الإيمان بالملائكة الذي هو ركن الإيمان ومن أنكره كَفَر وهو الإيمان بوجود الملائكة إجمالاً، فإذا آمن بوجود الملائكة لله - عز وجل - فهو مؤمن، فإذا كان سَمِعَ باسم جبريل عليه السلام وأنه ينزل بالوحي وجب عليه الإيمان بذلك.
فرجعت المسألة إلى أنَّ من أنكر الملائكة فلم يدخل في عقد الإيمان أصلاً؛ لأنَّ من أركان الإيمان الإيمانُ بالملائكة، ويدلّ أيضا على أنَّ التكذيب بأي خبر جاء في القرآن فإنه تكذيب بالقرآن، فإذا كَذَّبْ بجبريل، كذّب بميكائيل ونحو ذلك، كذّب بملك الموت، كذّب بأي ملك جاء ذكره في القرآن فيُعرَّف بالآية، فإن أصرّ فهو مكذب بالقرآن فيكون كافرا من هذه الجهة.
وكذلك الجن فقد جاء ذكرهم في القرآن فالإيمان بالجن واجب والتصديق بخبر الله - عز وجل - بذلك واجب ويدخل الإيمان بالجن في الإيمان بالقرآن، الإيمان بالكتب؛ لأنَّ معنى الإيمان بالكتب لله - عز وجل - أن يعتقد العبد أنها حق وأنَّ الله - عز وجل - أنزل كتبه وأنَّ ما فيها حق، وخاصة الإخبار فإنَّ الأنبياء لم يختلفوا فيما أخبروا به لأنَّ الخبر مداره الصدق، أما الشرائع فتختلف، العقيدة واحدة.
ذكرنا لكم أنَّ الأنبياء اجتمعوا على ما أَخْبَرُوا به من الإعتقاد بالله - عز وجل - وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله تعالى، هذه اجتمعت عليها الأنبياء فدينهم واحد، لا فرق بين نبي ونبي، وبين رسول ورسول في أصول الدين، في تحقيق التوحيد، في الإسلام، الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله، هذا أصل عام اجتمعت عليه الأنبياء، واجتمع عليه المرسلون، وكذلك أركان الإيمان الستة، هذه اجتمعت عليها الأنبياء؛ لكن الشرائع تختلف.
من الإيمان بالكتب الإيمان بالقرآن والقرآن فيه الخَبَرْ عن الغيب ومنه الخبر عن الجن، فالجن أنزل الله - عز وجل - فيهم آيات كثيرة {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا [1] يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ} [الجن:[1]-2] ، وقال - عز وجل - في آية الأحقاف {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} [الأحقاف:29] ، وقال - عز وجل - {بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} [سيإ:41] ، وقال سبحانه {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتْ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} [الصافات:158] ، وغير ذلك من الآيات التي فيها ذكر الجن، {قَالَ عِفْريتٌ مِنْ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} [النمل:39] ، فالإيمان بالجن واجب؛ الإيمان بوجودهم وبما أخبر الله - عز وجل - عنهم من صفتهم في كتابه، وبما صحّ في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فمن أنكر وجود الجن كفر لأنه كذَّبَ القرآن، فَيُعَرَّّْف -إذا كان مثله يجهل- يُعَرَّفْ بما جاء في القرآن من الآيات، فإذا كذب بوجود الجن مع ذكرهم في القرآن فإن تكذيبه يعود إلى إنكار وجحد القرآن فيكون كافراً بذلك.
أما المهدي الذي ذَكَرْ فليس الكلام فيه كالكلام في الملائكة والجن؛ لأنَّ المهدي إنما جاء في السنة، ومجيئه في السنة هو من جنس الأخبار التي تكون مما أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم، يتأوّلها المتأولون، ولا تكفير مع احتمال التأويل.

[1] النساء:163، الإسراء:55.
اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح    الجزء : 1  صفحة : 323
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست