اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح الجزء : 1 صفحة : 229
[ثم قال (وَأَصْلُ الْقَدَرِ سِرُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ، لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ) ]
يعني أنَّ القَدَرْ -وهو تقدير الأشياء- هذا سِرْ إذْ هو تصرُّف الرب جل جلاله في ملكوته، وتصرف الرب جل جلاله في ملكوته مما يختص به الله جل جلاله فلم يُطْلِع عليه أحداً ولم يطَّلِع أحد على ذلك، حتى أكرمُ عباده من الملائكة لا يدرون ما مصيرهم، لا يدرون ماذا يقضي الله في السماء، لا يدرون ما مصير أهل الأرض إلى غير ذلك، وكذلك أنبياء الله لا يدرون ولا يدرون عن الغيب ولا متى يموتون، إلى آخر ذلك.
المقصود أنّ القَدَرْ -وهو كما سيأتي تعريفه تقدير الله للأشياء- أنَّ هذا مما اختص الله - عز وجل - به، فلا أحد يعلم ما القَدَرْ، وما الذي قُدِّرْ، وما الذي كُتِبْ، وما الذي جعله الله - عز وجل - مكتوباً في اللوح المحفوظ أو مكتوباً في صحف الملائكة، هذا عِلْمُهُ عند الله - عز وجل -، وهو من مفاتح الغيب العظيمة التي قال الله فيها {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام:59] .
والقَدَرْ معنى كونه سراً أنّه لا يمكن أن يُطَّلَعَ عليه إذ هو سرٌّ عند الله - عز وجل -، والله سبحانه لم يُطْلِع على ذلك أحداً فمعنى ذلك أنّه لن يَطَّلِعَ أحد على ذلك ولو خاض فيه.
ومبنى القدر على صفات الله - عز وجل -:
- مبنى القدر على العلم.
- مبنى القدر على عموم المشيئة.
- مبنى القدر على عموم الخلق.
- مبنى القدر على حكمة الله - عز وجل -.
[.....] وعموم مشيئته، وإلى أي شيء تَتَوَجَهْ لا يعلمها العبد، وعموم خلقه - عز وجل - من أشياء إذا توجّه الشيء لا يعلمه العبد إلا بعد أن يقع، وحكمة الله لا يعلمها العبد.
إذاً فصارت أنحاء القدر الأربعة لا يعلمها العبد، فكيف إذاً يمكن له أن يخوض في القَدَرْ؟
فصار الأمر إذاً إلى الاستسلام.
وهذا هو الذي أراده الطحاوي فيما قال، قال (وَالتَّعَمُّقُ وَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ) يعني في القدر المبني على الأربعة أشياء التي ذكرتُ لك (التَّعَمُّقُ وَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ ذَرِيعَةُ الْخِذْلَانِ، وَسُلَّمُ الْحِرْمَانِ، وَدَرَجَةُ الطُّغْيَانِ) .
إذا تبين هذا فيمكن أن نُجْمِلْ أو نُقَسِّم الكلام على القدر في مسائل كثيرة، نذكر منها ما يناسب الوقت بعض الأشياء.
قال (وَأَصْلُ الْقَدَرِ سِرُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ)
نقول إنه تحتها مسائل، هي مسائل بحث القدر جميعاً يمكن أن نجعلها في هذا الموضع.
اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح الجزء : 1 صفحة : 229