اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح الجزء : 1 صفحة : 198
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد: الأسئلة:
س[1]/ ما رأيكم في من يقول بأنَّ الحوض مُدَوَّرْ، ويستدل لذلك بأن طوله وعرضه سواء، ولا يمكن أن يكون ذلك إلا إذا كان مُدَوَّرَاً؟
ج/ الجواب أنّ طوله وعرضه سواء لا يقتضي أن يكون مُدَوَّرَاً، وقد جاء في الرواية الأخرى «طوله مسيرة شهر وعرضه مسيرة شهر زواياه سواء» ، وهذا يدل على أنَّهُ ليس بدائري.
س[2]/ ما معنى قول القائل: قَدَّسَ الله روح فلان؟
ج/ التقديس معناه التطهير، قَدَّسَ الله روح فلان يعني طَهَّرَ الله روح فلان من الذنوب أو من أثر الذنب من السيئات من المعاصي، وهذا التطهير يكون بمغفرة الله لذنبه، أو بمنّ الله ? عليه بأن يجعل ما أصابه كفّارة، أو بغير ذلك من الأسباب بتهيئة دعاء المؤمنين.
المقصود أنّه دعاء بأن يطهر الله روح فلان، هذا لا بأس به، قدّس الله روح فلان لا بأس به؛ لأنّ معناه طهر الله روح فلان، ومن أسماء الله القدّوس؛ يعني المُطَهَرْ من كل عيب ونقص:
لا في الذات، ولا في الأسماء، ولا في الصفات، ولا في الأفعال، ولا في الأمر: أمره الكوني القدري، ولا في أمره الديني، في هذه الخمسة.
وهناك عبارة أخرى لا تجوز وهي قول بعضهم: قدّس الله سِرَّه، كلمة سرّه هذه هي المُنْكَرَة؛ لأنّ هذه اللفظة يستعملها من يعتقد في الأموات بأنّ روح فلان لها سِرْ، ولذلك يطلقون على من له السّر السيد، على اعتقاد أنّه الذي فيه السِرْ، فيخصُّونَ بعض الأولياء الذين يُعتَقَدُ فيهم بأنهم يجيبون، أو أنَّ الدعاء عند قبرهم مستجاب، أو أنَّ الاستشفاع بهم يحصل به المقصود ونحو ذلك، يخصونه بقولهم قدس الله سره، وهذا غلط ومنكر؛ لأنَّ الروح ليس فيها سر، روح الناس روح المؤمنين ليس فيها أسرار، وهذا بالإضافة إلى أنَّ هذه الكلمة لم تأتِ لا في اللغة ولا في الشرع.
س3/ ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم «إن الله خلق آدم على صورته» [1] ؟
ج/ هذا الحديث يطول الكلام عليه؛ لكن خلاصة الكلام أنَّ الصورة هنا بمعنى الصفة؛ لأنَّ الصورة في اللغة تطلق على الصفة كما جاء في الصحيحين أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال «أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر» [2] يعني على صفة القمر من الوضاءة والنور والضياء، فقوله صلى الله عليه وسلم «إن الله خلق آدم على صورته» ؛ يعني خلق آدم على صورة الرحمن أ؛ يعني على صفة الرحمن، فخص الله ? آدم من بين المخلوقات بأنَّ جعله مَجْمَع الصفات وفيه من صفات الله ? الشيء الكثير؛ يعني فيه من أصل الصفة على التقرير من أنَّ وجود الصفة في المخلوق لا يماثل وجودها في الخالق، فالله ? له سمع وجعل لآدم صفة السمع، والله ? موصوف بصفة الوجه وجعل لآدم وجهاً، وموصوف بصفة اليدين وجعل لآدم صفة اليدين، وموصوف بالقوة والقدرة والكلام والحكمة، وموصوف ـ بصفة الغضب والرضا والضحك إلى غير ذلك مما جاء في الصفات.
فإذن هذا الحديث ليس فيه غرابة كما قال العلامة ابن قتيبة رحمه الله قال (وإنما لم يألفه الناس فاستنكروه) .
فهو إجمالٌ لمعنى الأحاديث الثانية الأخرى في صفات الله ?، «خلق آدم على صورته» يعني خلق آدم على صفة الرحمن ? فخصَّهُ بذلك من بين المخلوقات.
الحيوانات قد يكون فيها سمع فيها بصر لكن ما يكون فيها إدراك ما يكون عندها حكمة ما يكون كلام خاص إلى آخره.
فآدم خُصَّ من بين المخلوقات بأنْ جَعَل الله ? فيه من الصفات ما يشترك بها في أصل الصفة لا في كمال معناها ولا في كيفيتها مع الرحمن جل جلاله، تكريما لآدم كما ذكرنا لك.
وهذا ملخص الكلام فيها وإلا فالكلام يطول لأنَّ هذا الحديث كثيرون لم يفهموا المراد منه، ولا حقيقة قول أهل السنة والجماعة في ذلك.
س7/ يقول ذكرت أن قول قدس الله سره لفظة منكرة، وقد أكثر منها الإمام السَّفَّاريني عند ذكره لشيخ الإسلام ابن تيمية، فهل لذلك معنى؟
ج/ أحياناً العالم أو المؤلف يستعمل عبارة على حسب ما دَرَجْ، ولا يعني حَقِيقَةَ العبارة، فلذلك يُفَرَّقْ بين من يستعلمها يقصد المعنى وبين من يستعمل العبارة مُشَارَكَةْ، فالحكم يختلف:
فالذي يقصد المعنى أنَّ روح فلان لها سر وأنها تُغِيث فهذا شرك أكبر.
والذي يستعمل اللفظ من غير قصد لما يستعمله الآخرون منها، فإنه يقال تَسْتَبْدِلْ تلك بغيرها كما قال ? {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا} [البقرة:104] ، فنهاهم على قول {رَاعِنَا} لاستعمال اليهود لها بمعنى الرعونة الإيذاء، ووجَهَهُم إلى غيرها مع أنها تحتمل أن تكون من المراعاة، فقال {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا} فأبدلهم بكلمة لا إشكال فيها ولا شبهة ولا يشتركون فيها مع من يحرفون الكلم عن مواضعه. [1] مسلم (6821) [2] البخاري (3327) / مسلم (7328) / الترمذي (2535)
اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح الجزء : 1 صفحة : 198