اسم الکتاب : شرح سلم الوصول في علم الأصول المؤلف : الحازمي، أحمد بن عمر الجزء : 1 صفحة : 6
بدأت بالبسملة هي شأن الكثير بل جميع المصنفين، ما من مصنفٍ يؤلف كتابًا إلا ويذكر البسملة ابتداءً. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في شرحه على ((صحيح البخاري)): وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على افتتاح كتب العلم بالتسمية، وهكذا معظم كتب الرسائل، وما ذاك إلا اقتداءً بالكتاب العزيز حيث افتتح الله عز وجل كتابه بالتسمية حيث قال: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين. وأول سورة هي سورة الفاتحة، ثم كل سورةٍ سوى براءة تفتتح بالتسمية، إذًا هذا يعتبر من باب الإقتداء بالرب جل وعلا، وكذا في السنة النبوية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيكون من باب التأسي ولكن أهل العلم يذكرون هنا السنة القولية، وهو حديث ضعيف لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل أمرٍ ذي بالٍ لا يُبْدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر». «أقطع». «أجزم». كلها روايات ضعيفة، حينئذٍ يكون العمدة في السنة النبوية على السنة الفعلية، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكتب إلى الملوك ونحوهم كما جاء في كتابه إلى هرقل «بسم الله الرحمن الرحيم من محمدٍ عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم». وهذا سنة فعلية وهي الكتابة من النبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذٍ يكون من باب التأسي بالنبي عليه الصلاة والسلام في السنة الفعلية دون القولية، ولا نعتمد ما لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ الصحيح أن الحديث الضعيف لا يُعمل به مطلقًا لا في باب العقائد ولا في باب الأحكام ولا في باب فضائل الأعمال. إذ فضائل الأعمال إنما هي من جهة الوحي فلا يُثبت العمل من جهة الأصالة ولا يثبت العمل كذلك من جهة الثواب وما يترتب عليه إلا بنصٍ، وإذا لم يثبت النص فحينئذٍ لا نثبته بأنه سنة أو نثبت أن الثواب هذا مما جاء عن الشرع، والغريب أنهم يجعلون من الشروط في العمل بالحديث الضعيف ألا يعتقد أنه ثابت فكيف يجعل أن الحديث ليس بثابتٍ ثم بعد ذلك يعمل به وهذا محل تناقض.
قوله: (أَبدَأُ) هذا فعل مضارع حَذَفَ الناظم مُتَعَلِّقَهُ لإفادة العموم، (أَبدَأُ) في ماذا؟ أي: أبدأ في جميع شئوني، ومنه هذا التصنيف، يقال بَدَأْتُ بكذا وأَبْدَأْتُ وابْتَدَأْتُ أي قَدَّمْتُ (أَبدَأُ بِاسمِ اللهِ) أي أقدم البسملة، وبعضهم يجعل الابتداء بمعنى الافتتاح وهو بمعنى التقديم. والبدء والإبداء تقديم الشيء على غيره ضربًا من التقدير أي أقدم قولي باسم الله، أو افتتح تصنيفي ببسم الله. والجار والمجرور بسم الله متعلق بالفعل (أَبدَأُ) يعني في كلام الناظم (أَبدَأُ بِاسمِ اللهِ) بسم الله جار ومجرور متعلق بـ (أَبدَأُ)، فحينئذٍ يرد على الناظم إظهار الْمُتَعَلَّق فيه إظهار المتعلق لأن الأصل في هذا المقام الحذف كما هو مشهور عند النحاة ومن تكلم عن هذه الجملة.
ثانيًا: كونه فعلاً عامًا (أَبدَأُ) ولم يقل أصنف أو أنظم، وإنما قال: (أَبدَأُ) فهو فعلٌ عام.
ثالثًا: متقدمًا، قدمه على البسملة.
والمشهور على الصحيح أن متعلق البسملة بسم الله الجار والمجرور أن يكون فعلاً وهذا لا إشكال فيه وقد صرح به الناظم لكنه يكون خاصًا يعني: أنظم، أقرأ، أكتب .. إلى آخره، ولا يكون عامًا.
اسم الکتاب : شرح سلم الوصول في علم الأصول المؤلف : الحازمي، أحمد بن عمر الجزء : 1 صفحة : 6