responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح فتح المجيد المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 15
أحكام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم] قال الشارح رحمه الله: [أصح ما قيل في معنى صلاة الله على عبده ما ذكره البخاري رحمه الله تعالى عن أبى العالية قال: صلاة الله على عبده ثناؤه عليه عند الملائكة.
وقرره ابن القيم رحمه الله ونصره في كتابيه (جلاء الأفهام) و (بدائع الفوائد)].
الثناء قد قيل: إنه صلاة الله، أما صلاة الخلق فمعلوم أنها الدعاء، قال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة:103] يعني: ادع لهم، فالصلاة من الخلق الدعاء، أن يدعى الله جل وعلا لهم بالخير والمغفرة أو الهداية، وكان صلى الله عليه وسلم إذا أتاه آت بزكاته صلى عليه، قال عبد الله بن أبي أوفى جاء أبي بالزكاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (اللهم صل على آل أبي أوفى)، فقوله: (اللهم صل) دخل فيه أمر الله جل وعلا بأن يصلي عليهم، وبأن يسأل الله له أن يصلي عليه، فالمقصود: أنها من العبد السؤال والدعاء، فالرسول صلى الله عليه وسلم يسأل الله أن يصلي على آل أبي أوفى، وكذلك صلاته على الميت تسأل الله أن يغفر له، وكذلك غيره من الخلق.
وكذلك من الملائكة، فهم قد أخبر الله جل وعلا عنهم أنهم يقولون: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [غافر:7] إلى آخر الدعاء الذي جاء عنهم، وغير ذلك.
وأما الصلاة من الله فلا يجوز أن نقول فيها: الصلاة من الله الدعاء فالله لا يدعو لأحد، فقال قوم: الصلاة من الله الرحمة، ولكن الله جل وعلا فرق بين الصلاة والرحمة، كقوله جل وعلا: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة:156 - 157]، فجعل الرحمة غير الصلاة، مما يدل على أنها غيرها، فكان الأولى بل الصواب والأصح أن يقال: إن صلاة الله على عباده هي ثناؤه عليهم في الملأ الأعلى، أن يثني على عبده عند الملائكة، وإذا أثنى الله جل وعلا على أحد فحسبه ذلك؛ لأنه امتثل أمر ربه وأرضى ربه، فيكون كل شيء راضياً عنه، وكل عباد الله يدعون له، ويسألون له، ويطلبون محبته وموالاته، فهذا من أفضل الأعمال وأعظم الخصائص التي يخص بها ربنا جل وعلا من يشاء من عباده، فإذا قال الإنسان: (اللهم صل على محمد) فمعناه: اذكره مثنياً عليه عند أخص خلقك الذين هم ملائكتك، وهذا يكون أخص من الرحمة، والآية -مثلما قلنا-: دلت على أن الصلاة غير الرحمة.
[قلت: وقد يراد بها الدعاء، كما في المسند عن علي مرفوعاً: (الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه)].
وهذا ليس فيه إشكال؛ لأن هذا من المخلوقين، ولكن الإشكال في الصلاة من الله، هل يقال: الصلاة من الله الرحمة أم الدعاء؟ هذا محل إشكال، والصلاة هي الدعاء من جميع الخلق ملائكة، وأنبياء، ومن المؤمنين، والأصل في الصلاة الدعاء، فالصلاة الشرعية التي تفتتح بالتكبير وتختتم بالتسليم وتشتمل على القراءة والركوع والسجود وغير ذلك أصلها مأخوذة من الدعاء، فهذا هو أصلها.

اسم الکتاب : شرح فتح المجيد المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 15
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست