وترجمة الشيخ رحمه الله تعالى مشهورة معلومة لكن ينبغي طالب العلم أن ينظر في أحواله مع معاملة المشركين، وكيف قام لنصرة الدين الحق، فإنه كان رحمه الله تعالى مجدد القرن الثاني عشر حيث نشأ في بلاد نجد، وكانوا في أسوأ حال من جهة المعتقد ومن جهة الدنيا، كانوا متفرقين يقتل بعضهم بعضًا ويسبي بعضهم بعضًا هذا من حيث الدنيا، وكذلك من حيث الدين فشا فيهم الشرك الأكبر بشتى صنوفه وأنواعه، وكذلك الشرك الأصغر والبدع ونحو ذلك، فقام فيهم على الجادة جادة أهل العلم فدعا كما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - قومه إلى إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، وإفراده سبحانه وتعالى بالعبادة، وهذا شأن الأنبياء والرسل وأتباع الأنبياء أن يبدؤوا بما بدأ الله به في دعوة الناس، وخاصة إذا تبدل الدين وفشت فيه المنكرات والشرك ونحو ذلك، فجمع الله عز وجل على يديه بمساندة بعض الولاة آنذاك في جمع كلمة المسلمين على التوحيد، وهو مفهوم لا إله إلا الله أن لا يعبد إلا الله وأن لا يعبد إلا بما شرع، وكان له من الأعداء ما سيأتي الإشارة إليهم - وقد أشار إلى بعض ذلك في ثنايا الكتاب - أن من دعا إلى ما دعا إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - لا بد من أن يقف في وجهه دعاة الباطل، وهؤلاء في كل زمان وفي كل مكان، وإما أن يكون هذا من جهة البغي والحسد كفعل أعداء الرسل، وإما أن يكون من جهة فساد المعتقد لأن الذي يدعو إلى ذلك أحد هذين الأمرين، فصبر ومضى ودعا إلى الله تعالى على بصيرة فنصره الله وهدم القبور التي تعبد من دون الله، وألزم هو وولاة الأمور آنذاك الناس بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا شأن هذا الدين لأنه ما اندرست معالمه إلا وقيض الله جل وعلا من يكشف عن هذه الأمة ما التبس عليه من دينه، ولذلك قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((وأئمة السنة والجماعة وأهل العلم والإيمان فيهم العلم والرحمة والعدل، فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسنة سالمين من البدعة، ويعدلون على من خرج منها ولو ظلمهم، كما قال تعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ} [المائدة: 8]. يعني: ولا يحملنكم شنآن بغض قوم {عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ ... لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8]، ويرحمون الخلق، ومن أعظم رحمة الخلق أن يدعوهم إلى ما خلق الله عز وجل هذه الخليقة من أجله، فيريدون لهم الخير والهدى والعلم، لا يقصدون الشر لهم ابتداءً، بل إذا عاقبوهم وبينوا خطأهم وجهلهم وظلمهم كان قصدهم بذلك بيان الحق ورحمة الخلق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا)). وهذا كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في بيان ما قد يكون من جهة أهل العلم في نصرة الحق وأهله.
هذا الكتاب كما عرفنا موسوم بـ ((كشف الشبهات)).