اسم الکتاب : شرح لمعة الاعتقاد المؤلف : الحازمي، أحمد بن عمر الجزء : 1 صفحة : 17
أعتقد الشيء هذا فعل ماضي أعتقد، والشيء فاعله بمعنى صلب واشتد، واعتقدت كذا عقدت عليه القلب والضمير، إذًا الاعتقاد مأخوذٌ من العقد وفيه ربط أخذ أهل العلم من تسميت العقيدة عقيدة، يعني: ثَمَّ أدلة شرعية لكن هذا اللفظ يدل على شيء، ولذلك أُطْلِقَ لم يرد في نصوص الوحيين إطلاق لفظ العقيدة وإنما جاءت أسماء شرعية كالإسلام والإيمان والإحسان، وكذلك في عهد الصحابة والقرون الثلاثة لم يرد إطلاق لفظ العقيدة هكذا اشتهر عند بعض أهل العلم، ولكن أُطْلق هذا اللفظ وأشير به إلى أن العقيدة لا بد فيها من الجزم، لأن الربط هنا كما ذكرنا ربط الحبل بعضه ببعض شد بعضه ببعض لا بد أن يكون الشيء مشدودًا، وهذا لا يكون إلا إذا كان معه استيثاق وتأكيد وعزم، ومتى يكون كذلك؟ إذا كان ثَمَّ ما يدل على أن هذا الشيء من العقيدة كما سيأتي بيانه، وتقول العرب: إذا أعتقد الشيء صلب واشتد، عقدت عليه القلب والضمير، يعني: شددت عليه الضمير والقلب، بحيث يكون المعقود عليه مجزومًا حكمه فإنه إذا لم يكن كذلك حينئذٍ صار شكًّا وظنًّا وهذا لا يأتي في باب المعتقد، الأركان الست الإيمان بالله وما عطف عليه هذا لا يكفي فيها الظن ولا يكفي فيه الشك، بل لا بد أن يكون جازمًا كالشأن في لا إله إلا الله، والاعتقاد هنا مصدر بمعنى اسم المفعول، أي: المعقود عليه، وهو ما يحصل به الاعتقاد، وإن كان الاعتقاد من حيث المعنى المصدري مرادٌ مرادًا أيضًا، إذًا الاعتقاد الجزم فلا تكون العقيدة عقيدة صحيحة معتبرة إلا إذا صدَّق بها العبد تصديقًا جازمًا لا ريب فيه وإلا كان شكًّا وظنًّا وهذا لا يقبل منه البتة، والعقيدة تدور على حَوْلَ اعتقاد قضايا معينة، إذا قيل: أن اللفظ هذا لمعة الاعتقاد اعتقاد ماذا؟ قلنا: الاعتقاد هذا فيه ربط وفيه ربط القلب على أشياء معينة أو أشياء مطلقة؟ ما الذي جاء به الشرع؟ تعيين أو إطلاق؟ لا شك أنه تعيين، إذًا ((لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد)) الاعتقاد اعتقاد أيُّ شيء؟ نقول: لا، وإنما هي قضايا معينة، ولذلك هي التي وضعت بين دفتي الكتب المختصرة عند أهل العلم في بيان معتقد أهل السنة والجماعة، هادي التي هي أركان الإيمان الست وما يتبعها من الكلام في المخالفين وفي كلام الصحابة والذب عنهم ونحو ذلك والمسح على جوربين وكل هذه سميت عقيدة لأن المباينة والمفاصلة بين أهل السنة والجماعة حاصلة بها كما أن الشأن حاصل في الخلاف، يعني: حاصل في الأركان الستة كذلك حاصلٌ في الصحابة، الصحابة في الأصل لو لم يكن ثَمَّ خلاف طعن فيهم لم يكن الحديث عنهم من باب المعتقد، وإنما هو شيءٌ متعلق بأحكام فرعية، ولكن لما وقع نزاع وينبني على هذا النزاع طرح الشرعية، لأنه إذا أسقط الصحابة حينئذٍ أسقطت الشرعية ما بقي شيء هم الذين نقلوا لنا الدين، حفظ الله عز وجل لنا الدين باجتهاد الصحابة ونقله وحفظ العلم ونحو ذلك، حينئذٍ إذا أسقط الصحابة سقطت الشريعة من أصلها حينئذٍ صار الخلاف في هذه المسألة خلافًا عقاديًّا فلا بد أن يكون الحكم مجزومًا به، إذًا اعتقاد قضايا معينة وليست اعتقاد أي شيء، والقضايا المعينة المراده هنا أركان الإيمان الستة وهي أمور غيبية، ويدخل في
اسم الکتاب : شرح لمعة الاعتقاد المؤلف : الحازمي، أحمد بن عمر الجزء : 1 صفحة : 17