responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم المؤلف : التهانوي    الجزء : 0  صفحة : 35
المعاني والبيان» [1].
ونحن عند ما نتحدث عن هذه المرحلة من عمر اللغة فلنظهر وصولها إلى انتظام واستخراج منطق مجرّد، يسعفنا على توليد المصطلح، باستخدام آليات العربية، بخصوصياتها لهضم المعنى الوافد، عبر صياغاتها، وبالتالي في الذهن العارف لمستعملها. أي نعمل على تطويع المعنى من خلال اختيار المصطلح له، فنختار بعمل غير مباشر، تقاربا بين المعارف واستعدادا للاستقبال الفكري، يتم تطويعه بقالب اللغة التي تحمل في طياتها سمة المعارف. ولنا مثال مشخّص من علم الحياة. فعند زراعة الأعضاء أو الأنسجة يتم اختيار ما هو الأقرب والأشبه لتكوين الجسم المنوي الزرع فيه، كي يتأقلم ما هو مزروع بما هو مزروع فيه. ثم يعملان سويا، وأخيرا يتجانسان تقريبا بوحدة بعد الهضم في البنية. ولعل اللغة هي تلك الأداة للتأقلم وللانطباع في البنية.
والأرجح أن من أهم ميزات العربية وخصوصيتها البيانية طريقتي: الأوزان والحركات. فبهما يستفاد للكشف عن المعاني أو لتطويع المعاني وتسويغها. وعند ذكر الأوزان لا بدّ من ربطها بالقلب والابدال والاشتقاق. علما أن اللغويين الأوروبيين قلّلوا في مسائل البنيان والدلالة من قيمة التجاوز ( Diachronie) في اللفظ.
حيث يختصر تاريخ الكلمة على عرض معناها الحالي، ولا سيما أنّها تخضع لنظام يقال له المتزامن synchronie ، مما يؤدّي إلى التطابق بين المعنى والشارة [2].
وتختلف العربية في بنائها في صفتين: إنّها تأسّست في جزء كبير منها على التجاوز ولم تزل تخضع له. وإنّها تعتمد على الردّ إلى الثلاثي. وهذا ما يجعل العلاقة الداخلية الثابتة بالردّ إلى الأصل، قائمة على وجود معنى عميق لهذا الأصل وعلى ارتباط ولو بسيط بالجديد، مما يبعد صفة التزامن. كما أنّ اللفظة في العربية تستمد وجودها من خلال تغيّر التنوين عليها. وأقصد بالوجود دلالتها على المعنى وفعلها الاشاري.
إنّ التزامن يؤدّي إلى انقطاع دور تاريخ الكلمة في اللفظة الحالية، وإلى اعتبار ما هي عليه اللفظة والكلمة والتركيب آنيا. ممّا يدفع إلى اتجاه القطع المعرفي على المستوى النظري في دراسة بنيان اللغة. بينما العربية في أشكالها وفي عملية بناء المبنى

[1] السكاكي، أبو يعقوب، مفتاح العلوم، بيروت، دار الكتب العلمية، ص 3.
[2] Saussure .F .,Cours de Linguistique generale ,Paris , 0691.pp . 56 - 02.
اسم الکتاب : كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم المؤلف : التهانوي    الجزء : 0  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست