responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم المؤلف : التهانوي    الجزء : 0  صفحة : 34
المصطلح ودراسة المبنى:
ولا غرو من القول إن المصطلح لا يقف عند مسألة الدلالة وارتباط الاسم بالمعنى بل يطال دراسات المعنى والتركيب اللغوي. ولعلّ لفظ المبنى مرتبط بالبنية ومفاهيم التركيب الصوري للغة. إذ إنّ اللغة أشكال عناصرها الحروف، والأصوات تتركب على نظم معين، وفي أنساق محددة، لتتميّز بنمط ما.
والمبنى متعلّق بالبيان، حيث يردّ اللفظ إلى بين ويدلّ على «[1]»:
- الظهور والوضوح. وظهور الشيء يعقب تمايزه من غيره وانفصاله عنه، ولا سيما إذا علمنا أن (بين) على وزن (عين) يفيد الفصل، والبعد، والفرقة، ومنها المباينة.
- القدرة على التبليغ والفصاحة، فبعد الظهور تأتي فصاحة اللسن، والافصاح مع الذكاء، وإظهار المقصود بأبلغ لفظ.
- تميّز الإنسان بفصل ومقوّميّة، فقد ورد في القرآن الكريم: خَلَقَ الْإِنْسانَ، عَلَّمَهُ الْبَيانَ الرحمن/ [3] - [4]، فبعد الخلق، فصل الإنسان عن سواه بالبيان [2].
فالبيان التميّز والظهور والبلاغ فالاتصال. وقد اختصر الجاحظ دور البيان قائلا:
«المعاني القائمة في صدور الناس ... مستورة خفية ... وإنما يحي تلك المعاني ذكرهم لها، وإخبارهم عنها، واستعمالهم إيّاها ... وعلى قدر وضوح الدلالة وصواب الإشارة وحسن الاختيار ودقة المدخل يكون إظهار المعنى» [3]. ثم إن الإعراب هو الإبانة عن المعنى. إن النحو منطق العربية، ففيه يتبيّن وجه تصرف الألفاظ في المعاني [4]. إنّ العلوم البيانية العربية قد كشفت عن منطق داخلي فيها، وذلك حينما دفع بها تطورها الذاتي إلى أن تصل إلى ما وصلت إليه. فالتعقيدات والتفنينات التي جاءت على يد اللغويين لم تكن خنقا للحياة في اللغة، بل كان لا بدّ من الكشف عن النظم البنيوي لهذه اللغة. إنّ هذه العملية تسمّى عقل اللغة والبيان.
وهذا ما حدث عند ما تم ضبط علم الصرف والاشتقاق، وعلم المعاني والبيان وعلم النحو. كما إن «تتّبع تراكيب الكلام الاستدلالي ومعرفة خواصها مما يلزم صاحب علم

[1] Schaft ,Langage et connaissance ,p . 992.
[2] ابن منظور، لسان العرب، مادة بين. والزمخشري، أبو القاسم، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، بيروت، دار الكتاب العربي، ج 4، ص 443.
[3] الجاحظ، البيان والتبيين، بيروت، احياء التراث، ج 1، ص 56.
[4] المرجع ذاته، ص 56.
اسم الکتاب : كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم المؤلف : التهانوي    الجزء : 0  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست