الضياء محمد بن عبد الواحد المقدسي في [المختارة] «عن علي بن الحسين أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو فنهاه، وقال: ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا، وصلوا علي فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم» وإسناده جيد، وكان الصحابة رضي الله عنهم أحرص على الخير منا وأحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرف بحقه على الأمة وبآداب زيارته منا، ومع ذلك لم ينقل عن أحد منهم أنه كان يتردد على قبره صلى الله عليه وسلم والدعاء عنده، لكن ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا حضر إلى المدينة من سفر فقط جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه) ، ثم ينصرف، ولهذا كره مالك بن أنس رحمه الله لأهل المدينة أن يأتي أحدهم إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم كلما دخل المسجد، وقال: (لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها) .
ثانيا: النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره الحياة البرزخية التي يتهيأ له معها أن يتنعم بما يفيض الله تعالى عليه من أنواع النعيم والكرامة، وليس حيا الحياة التي كانت له في الدنيا؛ لقوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [1] {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} (2) [1] سورة الزمر الآية 30
(2) سورة الزمر الآية 31