فإن اعتقد أن هذا الشخص شريك مع الله لا يقع شيء إلا بمشيئة الله ومشيئة هذا الشخص، فإن كان جاهلا علم، فإن أصر فهو والعالم ابتداء سواء، كل منهما مشرك شركا أكبر، وأما إذا حلف بغير الله بلسانه ولم يعتقد بقلبه تعظيم من حلف به أو ما حلف به، وكذلك إذا قال: ما شاء الله وشئت، ولولا الله وأنت، فهذا إن كان جاهلا علم فإن أصر فهو والعالم ابتداء سواء كل منهما مشرك شركا أصغر، وكونه شركا أصغر هذا لا يعني أن المسلم يتساهل في ذلك، فإن الشرك الأصغر أكبر الكبائر بعد الشرك الأكبر، قال ابن مسعود رضي الله عنه: «لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا [1] » فاليمين الغموس من الكبائر، ومع ذلك فقد جعل ابن مسعود رضي الله عنه الشرك الأصغر أكبر منها، وسر المسألة أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به هذا هو الأصل، وأما قول القائل: ما شاء الله وشئت ونحو ذلك، فإن الواو تقتضي التسوية بين المعطوف والمعطوف عليه، أي: أن المعطوف مساو للمعطوف عليه، والله جل وعلا {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [2] وأما الحلف بالقرآن فليس من هذا الباب؛ لأن القرآن من كلام الله وكلامه جل وعلا صفة من صفاته، واليمين [1] رواه الطبراني في [الكبير] (9 / 183) برقم (8902) ، وانظر [إرواء الغليل] (8 / 191) ، و [الضعيفة] برقم (91) . [2] سورة الشورى الآية 11