اسم الکتاب : مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (الجزء الأول) المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 8
رهيب، وتدبير مريب، من قِبَلِ أعداء هذا الدين الصليب؛ فوصلوا إلى ما أرادوا وأَمَّلُوا، واستطاعوا الخُلُوص إلى قلوب الشباب فأفسدوا؛ ونتج عن ذلك انتشار الأوباء الخطيرة، والأمراض الفاتكة المريبة.
وأصبح أهل هذا الزمان، كما قال ابن عقيل الحنبلي عن أهل زمانه: من عجيب ما نقدتُ من أحوال الناس: كثرةُ ما ناحوا على خراب الديار، وموت الأقارب والأسلاف، والتَّحَسُّر على الأرزاق، وذم الزمن وأهله، وذِكْرِ نَكَد العيش فيه، وقد رأوا من انهدام الإسلام، وتشعب الأديان، وموت السُّنَن، وظهور البدع، وارتكاب المعاصي، وتَقَضِّي الأعمار في الفارغ الذي لا يُجْدِي، والقبيح الذي يُوبِقُ ويؤذي، فلا أجد منهم مَن ناح على دينه، ولا بكى على ما فَرَطَ من عمره، ولا آسى على فائت دهره. وما أرى لذلك سببا إلا قلة مبالاتهم بالأديان، وعِظَم الدنيا في عيونهم، ضد ما كان عليه السلف الصالح يَرْضُونَ بالبلاغ من الدنيا، وينوحون على الدين. انتهى [1].
الواجب على الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى
ولقد بلغ الحال بكثير من أهل زماننا إلى أعظم مما ذكَرَ، وذلك بسبب بُعْدِهِم عن الله -تعالى-، وضعف إيمانهم به سبحانه، وقلة يقينهم بما عنده من النعيم والعقاب. ولو أنهم آبوا إلى الله، وأخلصوا له، وتوكلوا عليه لمنحهم السعادة والسيادة التي نزعت منهم.
وبما أن الداء بان سببُه، واتضح أصلُه، فالواجب على الدعاة إلى الله –سبحانه- أن يضاعفوا جهودهم في استئصاله والقضاء عليه؛ وذلك بتقرير التوحيد في قلوب الناس، وتربيتهم عليه، ووعظهم بمسائله وأبوابه وفضائله، وترهيبهم من الخروج عنه والإتيان بما يناقضه أو يضعفه.
وتسهيلا لهذه المهمة العظيمة، فإننا نجعل هذا الكتاب العظيم، الحافل بدرر المسائل، وغُرَر الفوائد المُسَمَّى:"مجموعة الرسائل والمسائل النجدية"بين أيديهم، عَلَّ الله -سبحانه وتعالى- أن ينفعنا وإياهم بما فيه؛ إنه سميع مجيب.
ولا أحب أن أطيل في وصف هذا الكتاب، وبيان مزاياه، فقد تقدم في [1] نقله عن ابن عقيل: ابن مفلح في الآداب الشرعية (348) .
كما أفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية، وغيره من أهل العلم، وهو ظاهر لظهور دليله. وأما إذا كان المأخوذ من أهل القرى، ونحوهم ممن يلتزم أركان الإسلام، ولا يظهر منه ما ينافيه، فحكم ما أخذ منهم حكم الغصب، وتفصيله لا يجهل. وإن اشتبه الحال على من وقع في يده شيء لا يعرف مالكه، فله التصدق بثمنه.
ما يتعامل به أهل نجد من الجدد حين رخصت
وأما (المسألة الثانية) وهي: ما يتعامل به أهل نجد من الجدد حين رخصت، وصارت الفضة فيها أكثر من المقابل، فهي صورة مسألة"مدعجوة"لا بد فيها من أن يكون المنفرد أكثر من الذي معه غيره على الرواية القائلة بالجواز، وهي اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية؛ فعلى هذا إذا كان الذي في الجدد من الفضة أكثر من فضة الريال، فلا يجوز بيعها على كلا الروايتين.
أخذ العروض عن النقود
وأما (المسألة الثالثة) وهي: أخذ العروض عن النقود، وبالعكس، فإن كان المراد أخذ العروض عن النقود التي في الذمة عن ثمن ربوي كما إذا باع تمرا أو نحوه بأحد النقدين إلى أجل، ثم أخذ عما في الذمة من جنس المبيع، أو ما لا يجوز بيعه به نسيئة، فهذا لا يصح على المعتمد. وإن كان غير ذلك كقيمة متلف، أو أجرة، ونحو ذلك، فيجوز أن يأخذ عما في الذمة عن النقد عرضا، وبالعكس؛ بل يجوز أخذ أحد النقدين عن الآخر بسعر يومه كما في حديث ابن عمر.
وأما أخذ الثمار في السلم خرصا، فالذي يتوجه عندنا الجواز إذا كان الثمر المأخوذ دون ما في الذمة بيقين، لحديث جابر المُخَرَّجِ في الصحيح؛ فيكون من باب أخذ الحق، والإبراء عما بقي. والله سبحانه، وتعالى أعلم.
اسم الکتاب : مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (الجزء الأول) المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 8