الْمُشْرِكِينَ} [1].
وبهاتين الآيتين وأمثالهما في القرآن يميز المؤمن دين المرسلين من دين المشركين؛ فإقامة الوجه لله بإخلاص العبادة لله بجميع أنواعها هو دين المرسلين، وتوجيه الوجه بشيء من أنواعها لغير الله هو الشرك الذي لا يغفره الله.
وتدبر قول الله -تعالى- في وصف أهل الإخلاص: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [2]، فالرهبة والرغبة، والخشوع، وغير ذلك من أنواع العبادة كالمحبة، والدعاء، والتوكل، ونحو ذلك مختص بالله -تعالى-، لا يصلح منه شيء لغيره كائنا من كان.
وتأمل قوله تعالى: {وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [3] فإنه ظاهر بأن ذلك الخشوع ونحوه مختص بالله -تعالى-، كما ذكر اختصاصه بالعبادة عموما في قوله: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [4].
ولا يخفى أن هذا المجيب قد صرف جل العبادة ومعظمها لغير الله، وقد قال -تعالى-: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} [5]، وقال: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [6]، فالخبير سبحانه أبطل الأكاذيب الشيطانية، والتعلقات الشركية في هذه الآية ونظائرها.
[وقوع الأمراض العامة عند معظمي القبور]
فتدبر إن كنت للتوحيد طالبا، وفي دين المرسلين راغبا، وقد أجرى الله سبحانه العادة بوقوع الأمراض العامة والمصائب العظام في كل مدينة فيها بعض من قبور الأولياء والصالحين، فلا يجد أهلها تأثيرا للتعلق بهم في دفع ما نزل من تلك المصائب، وذلك برهان على أن الميت لا ينفع ولا يضر، ولا يغني عمن تعلق به شيئا كما قال -تعالى-: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [7]. [1] سورة يونس آية: 104، 105. [2] سورة الأنبياء آية: 90. [3] سورة الأنبياء آية: 90. [4] سورة الزمر آية: 66. [5] سورة الرعد آية: 14. [6] سورة فاطر آية:13، 14. [7] سورة الزمر آية: 38.