بَينَ المعُجِزَةِ والكرامَةِ
مما يتعلق بتمييز الكرامة عن غيرها من خوارق العادات؛ التمييز بين الولي الذي يجوز أن تحدث له الكرامة، وبين من هو أعلى منه منزلة؛ وهو النبي، أو من يَدَعِي مثل منزلته كذبًا وبهتانًا، وهو الْمُشَعْوِذُ والساحر وغيرهما.
فأما الفرق بين النبي والولي من جهة الخارق الذي يجري على يد كل منهما، فقد علمنا أن النبي تجري على يده المعجزات، وهي نوعان، سَمَّاهَا "ابن تيمية" معجزات كبرى، وهي دليل صدقه، ونوع من التوابع والنوافل سَمَّاها معجزات صغرى.
والولي تحدث على يده الكرامات، وقد تشتبه بالمعجزات الصغرى، أو تماثلها، ولكن النبي يختص بالعصمة دون الولي، فالمعجزة للنبي دليل على عصمته من الخطأ فيما أُرِسل من أجله، وهو التشريع.
أما الولي فكرامته إنما تدل على صدق النبي الذي آمن به هذا الولي، واتبعه في شريعته، ولا تدل بحال على عصمته هو مِن أن يخطئ في بعض أعماله، أو عباداته أو توجيهاته؛ لأنه لم يُرْسَلْ ويُصْطَفَ من اللَّه -عزَّ وَجَلَّ- لهذا الغرض كالنبي، وإنما هو مجتهد فيه، أما النبي فقد اصطفاه الله من عباده لهذا الغرض.
الكرَامَةُ تَدُلُّ عَلَى الوَلَايَةِ، لَكِنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى العِصمَةِ
ومن هنا وجبت طاعة النبي مطلقًا، بينما لا تجب طاعة الولي مطلقًا، إلا فيما دل عليه دليل شرعي واضح، وفارق آخر بين المعجزة والكرامة؛ هو أن الكرامة تحدث بحسب حاجة الولي، فإذا احتاج إليها لتقوية إيمانه؛ جاءه منها ما يكفيه لتقوية إيمانه، أو احتاج إليها لفك ضيق عليه، أو على من يدعو له؛ جاءه من ذلك ما يُفَرِّجُ كربته، ويجيب دعاءه، بخلاف المعجزات؛ فإنها لا تكون إلا لحاجة الخلق وهدايتهم [1]. [1] انظر: "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان" ص (77).