لسان نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- قد كمله اللَّه عز وجل، ولم يبق بعد ذلك حاجة للأمة في أمر دينها، وقد انقطعت البعثة بالموت" [1].
3 - أن الأدلة الشرعية التي هي أصول الأحكام ومصادرها، محصورة في الكتاب والسنة باتفاق الأئمة، ثم الإجماع والقياس باتفاق جمهورهم، ثم العرف، والاستصحاب، والاستحسان، والمصالح المرسلة، وشرع من قبلنا، وقول الصحابي، وسد الذرائع، على خلاف بين جمهور الأئمة في حجيتها، ولم يذكر أحد من أئمة العلم الرؤى المنامية ضمن هذه الأدلة.
قال الشوكاني -رحمه اللَّه-: " ولم يأتنا دليل يدلُّ على أن رؤيته في النوم بعد موته -صلى الله عليه وسلم- إذا قال فيها بقول أو فعل فيها، يكون دليلًا وحجة، بل قد قبضه اللَّه إليه بعد أن كمل لهذه الأمة ما شرعه لها على لسانه" [2] اهـ.
4 - أن الرؤى ثلاثة أقسام من حيث منابعها: رحماني، ونفساني، وشيطاني، ولا سبيل إلى التمييز بينها حتى نقبل الرحماني، ونرد ما عداه.
قال الامام المحقق ابن قيم الجوزية -رحمه اللَّه تعالى-: "والرؤيا كالكشف: منها رحماني، ومنها شيطاني، ورؤيا الأنبياء وحي فإنها معصومة من الشيطان، وهذا باتفاق الأمة، ولهذا أقدم الخليل على ذبح ابنه إسماعيل عليهما السلام بالرؤيا. وأما رؤيا غيرهم فتُعرض على الوحي الصريح: فإن وافقته، وإلا لم يُعمل بها" [3].
وقال الشيخ عبد الرحمن المُعَلِّميُّ -رحمه اللَّه-: "الرؤيا قصاراها التبشير والتحذير، وفي الصحيح: أن الرؤيا قد تكون حقًّا وهي المعدودة من النبوة، وقد تكون من الشيطان، وقد تكون من حديث النفس، والتمييز مشكل" [4]. [1] انظر: "إرشاد الفحول" (2/ 291، 292).
(2) "إرشاد الفحول" (2/ 291، 292).
(3) "مدارج السالكين" (1/ 51).
(4) "التنكيل" (2/ 242).