شفاعتي يوم القيامة"، وقال: "ومن لم يكتبها من عباد الله، اسْوَدَّ وجهه في الدنيا والآخرة"؛ فهذا -أيضًا- من الغيب الذي لا يعلم بتحديده إلا الله، فَإخْبَارُهُ به وقد انقطع الوحي إلى البشر؛ رجم بالغيب، وكذِبٌ وزور، وكذا قوله فيها: "ومن يُصَدِّق بها (ينجو) من عذاب النار، ومن يكذب بها كفر"؛ فهذا -أيضًا- زورٌ وبهتانٌ، فإن التكذيب بالرؤيا الصادرة من غير الأنبياء لا يعد كفْرًا بإجماع المسلمين.
رابعًا: إن كل ما أخْبرَ به من الوعد والوعيد على سبيل التعيين والتحديد يتضمن تشريعًا بالحث على كتابة الوصية، وإبلاغها ونشرها بين الناس للعمل بها، واعتقاد ما فيها رَجَاءَ المثوبة التي حدَّدَهَا، ويتضمن تشريع تحريم كتمانها، والتفريط في إبلاغها ونشرها، والتحذير من ذلك خشية أن يَحِيقَ بمن كتمها أو فَرَّطَ في نَشْرِهَا ما أخبر به من الوعيد الشديد بحرمانه من الشفاعة، واسوداد وجهه.
خامِسًا: عَدَمُ التناسب بين ما أخبر به من الجزاء والأعمال، وهو دليل الوضع والكذب في الأخبار، إلى غير هذه الأمور من الأكاذيب؛ فيجب أن يحذر المسلم هذه الوصية المزعومة، ويعمل على القضاء عليها.
وباللَّه التوفيق، وصلى اللَّه على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم [1].
* * *
(1) "فتاوى اللجنة الدائمة" (4/ 74 - 77) فتوى (999).