أضرِحَةُ المنَامَاتِ .. والمَزَارَات المُزَوَّرَات
تُوجَدُ في كثير من بلاد العالم الإسلامي مقابر وهميةٌ يُزْعَمُ أنها مقابرُ لأولياءَ صالحين، وَيرْجعُ الفضل في بنائها إلى "رُؤًى مناميةٍ"؛ إذ يكفي عند القوم أن يَدعِيَ مُدَّعٍ أنه رأى رؤيا تُكَلِّفُهُ ببناء قبر أو قبة فوق المكان الفلاني؛ ليصبح مزارًا لأحد الأولياء.
ومن أشهر أضرحة الرؤيا: مشهد السيدة رقية بنت رسول الله -صلى اللَّه عليه وسلم- بالقاهرة، أقامته زوجة الخليفة العبيدي الآمر بأحكام الله [1]، وكذا ضريح السيدة سُكَيْنَة بنت الحسين بن علي -رَضِيَ الله عَنْهُمْ- [2].
ومنها: القبر المنسوب إلى زينب بنت علي -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- بالقاهرة، فإنه كذب لا أصل. له، ويقال: إن موضعه كان ساقية، فلما رأى صاحبها أنها لا تُغِلُّ له مع التعب إلا اليسير، زعم للناس: أنَّهُ رأى زينب في المنام، تأمره أن يقيمَ لها قبة في هذا المكان؛ فأقامها، وأعانه العوام، ثم كان سادنًا لها، فجاءته الأموال الكثيرة [3].
ولم يكن قبر النبي شيث معروفًا قبل القرن الحادي عشر للهجرة، حيث رأى أحد ولاة الموصل في ذلك القرن منامًا يدل على موضع القبر، فبنى الضريح، ثم بُني عليه جامع كبير [4].
وكان الناس يؤمون ضريحًا في شرق الجزائر، ويتبركون بأعتابه، ثم اكتشفوا أن هذا القبر كان لراهبٍ نصراني، ولم يصدق الناس ذلك حتى
(1) "الآثار الإسلامية في مصر من الفتح العربي حتى نهاية العصر الأيوبي" لمصطفى عبد الله شيحة ص (143).
(2) "مساجد مصر وأولياؤها الصالحون" (1/ 102).
(3) "صراع بين الحق والباطل" ص (111).
(4) "الانحرافات العقدية والعلمية" (1/ 284، 285).