نماذج واقِعِيَةٌ مِن انحِرَاف النَّاسِ في التَّعَامُلِ مَعَ المَنَامَاتِ
* دِمَاءُ المُسْلِمِينَ لَا تُسْفَكُ بِالأَحْلامِ:
حكى الحسن بن قحطبة قال: (اسْتُؤْذِن لشَرِيك بن عَبْدِ اللَّهِ القاضي على المهدي وأنا حاضر، فقال: "علي بالسيف"، فأُحْضِرَ.
قال الحسن: فاستقبلني رِعْدَةٌ لم أملكها، ودخل شَرِيْكٌ فسلَّم، فانتضى المهدي السيفَ، وقال: "لا سَلَّمَ الله عليك يا فاسقُ".
فقال شريك: "يا أمير المؤمنين، إن للفاسق علاماتٍ يُعرف بها: شرب الخمور، وسماع المعازف، وارتكاب المحظورات؟ فعلى أيِّ ذلك وجدتني؟ ".
قال: "قتَلَنِي اللَّهُ إن لم أقتُلْكَ".
قال: "ولمَ ذلك يا أمير المؤمنين، ودمي حرام عليك؟ ".
قال: "لأني رأيت في المنام كأني مقبل عليك أكلمك، وأنت تكلمني من قفاك، فأرسلت إلى المعبِّر، فسألته عنها، فقال: هذا رجل يطأ بساطك، وهو يُسِرُّ خلافك".
فقال شريك: "يا أمير المؤمنين، إن رؤياك ليست رؤيا يوسف بن يعقوب -عليهما السلام-، وإن دماء المسلمين لا تُسْفَك بالأحلام"، فَنكسَ المهدي رأسه، وأشار إليه بيده: أَنِ اخْرُجْ، فانصرف.
قال الحسن: فقمت فلحقته، فقال: "أما رأيت صاحِبَكَ وما أراد أن يصنع؟ "، فقلت: "اسكت -لله أبوك- ما ظننت أني أعيش حتى أرى مثلك" [1]. [1] ذكره في "معالم في طريق طلب العلم" (ص 266، 267) غير معزوِّ، وانظر: "الاعتصام" (1/ 261، 262).