والقول بوَلايته وحياته أبد الدهر هما مُعْتَمَدُ الصوفية في جعل الشريعة لها ظاهر وباطن، وأن علماء الباطن يُنْكِرُونَ على علماء الظاهر ولا عكس، وبه قالوا بحجية الإلهام، وأن الولي أفضل وأعلم من النبي، والدعوى الواسعة للقاء الخَضِرِ، والأخذ عنه، فمنهم من لقي الخَضِرَ يصلي على المذهب الحنفي، وآخرون رأوه يصلي على المذهب الشافعي" [1]. اهـ.
وَالسُّؤَالُ الآنَ:
إذا صَدَقَ الذين زعموا لقيا الخَضِرِ، والخَضِرُ ميت على الراجح، فما الجواب عن حكاياتهم؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه اللَّه تعالى-:
"وعامة ما يُحكى في هذا الباب من الحكايات، بعضها كذب، وبعضها مبنيٌّ على ظَنِّ رجلٍ، مثل شخص رأى رجلًا ظن أنه الخضر، وقال: إنه الخضر! كما أن الرافضة ترى شخصًا تظن أنه الإمام المنتظر المعصوم، أو تدعي ذلك" [2]. اهـ.
وقال أيضًا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه اللَّه-:
"إن الذين رأوا من قال: (إني أنا الخضر) هم كثيرون صادقون، والحكايات متواترات [3]؛ لكن أخطئوا في ظنهم أنه الخضر، وإنما كان جنيًّا" [4].
= (وكان بعض أكابر العلماء يقول: "أول عقد يحل من الزندقة اعتقاد كون الخضر نبيًّا؛ لأن الزنادقة
يتذرعون بكونه غير نبي إلى أن الوليَّ أفضلُ من النبي، كما قال قائلهم:
مقام النبوة في برزخ ... فُوَيْقَ الرسولِ ودونَ الولي). اهـ
(1) "التحذير من مختصرات الصابوني في التفسير" ص (65).
(2) "مجموع الفتاوى" (27/ 101، 102). [3] لكن هذه الحكايات لا تستوفي شروط الخبر المتواتر، إذ لا يتحقق التواتر إلا بأن توجد الكثرة العددية في جميع طبقات السند، الأمر الذي يقدح في وصفها بالتواتر، وهذا الشرط نفسه مما نبطل به دعاوى النصارى في زعمهم تواتر صلب المسيح عليه السلام.
(4) "مجموع الفتاوى" (13/ 93).