بَيْضَاءَ نَقِيةً، لَا تَسْألُوهُمْ عَنْ شَئءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِى نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أن مُوسَى كَانَ حَيًّا ما وَسِعَهُ إلَّا أنْ يَتَّبِعَني". اهـ.
قال ابن حجر في "الفتح": "ورجاله موثوقون، إلا أن في مجالدٍ ضعفًا".
وقال الحافظ ابن كثير -رحمه اللَّه- في "تاريخه" بعد أن ساق آية "آل عمران" المذكورة آنفًا، مُسْتَدِلًّا بها على أن الْخَضِرَ لو كان حَيًّا لجاء النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم -ونصره- ما نَصُّهُ: [قال ابن عَبَّاس -رَضي اللَّه عنهما-: "ما بَعَثَ اللَّه نَبِيًّا إلا أخذ عليه الميثاق؛ لئن بُعِثَ محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو حي؛ ليؤمِنَنَّ به، وليَنْصُرَنَّهُ، وأمره أن يأخذ على أمته الميثاق لئن بُعِثَ مُحَمَّدٌ وهم أحياء لَيُؤْمِنُنَّ به، وليَنْصُرُنَّهُ"- ذكره البخاري عنه.
فالخضر إن كان نَبِيًّا أَوْ وَليًّا؛ فقد دخل في هذا الميثاق، فلو كان حَيًّا في زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لكان أشرفَ أحواله أن يكون بين يديه، يؤمن بما أنزل اللَّه عليه، وينصره إن وصل أحدٌ من الأعداء إليه؛ لأنه إن كان وليًّا، فالصِّدِّيقُ أفضلُ منه، وإن كان نبيًّا؛ فموسى أفضل منه.
وقال الإمام أحْمَدُ في "مسنده": حَدَّثنَا سُرَيْجُ بن النعمان، حدَّثنا هشيم، أنبأنا مجالد، عن الشعبي، عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما-: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَة إلَّا أنْ يَتَّبِعَنِي"، وهذا الذي يُقْطَعُ به، ويُعْلَمُ من الدين علمَ الضرورة.
وقد دَلَّتْ عليه هذه الآية الكريمة؛ أن الأنبياء كلهم لو فُرِض أنهم أحياء في زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لكانوا كُلُّهُمْ أتباعًا له، وتحتَ أوامره، وفي عموم شرعه، كما أنه -صلواتُ اللَّه وسلامُه عليه- لما اجتمع بهم ليلةَ الإسراء، رُفِعَ فوقهم كُلِّهِمْ، ولَمَّا هبطوا معه إلى بيت المقدس، وحانتِ الصلاةُ أمَرَهُ جبريلُ عن أمر اللَّه أن يَؤُمَّهُمْ؛ فَصَلَّى بهم في مَحَلِّ وِلايتهم، ودار إقامتهم، فَدَلَّ على أنه الإمَامُ الأعْظَمُ، والرسولُ الخاتَم الْمُبَجَّلُ الْمُقَدَّمُ -