فَصلٌ
* قال الحافظ الذهبي -رحمه اللَّهُ - تَعَالَى-:
" ... وقد رأيت غير واحد من هذا النمط الذين زال عقلهم أو نقص، يتقلبون في النجاسات، ولا يصلون، ولايصومون، وبالفحش ينطقون، ولهم كشف كما -واللَّه- للرهبان كشف، وكما للساحر كشف، وكما لمن يُصرع كشف، وكما لمن يأكل الحية، ويدخل النار حالٌ مع ارتكابه للفواحش، فواللَّه، ما ارتبطوا على مسيلمة والأسود إلا لإتيانهم بالمغيبات ([1]) ". اهـ.
وقال الإمام المحقق ابن القيم -رحمه اللَّه - تَعَالى-: "الفراسة الثانية: فراسة الرياضة والجوع، والسهر والتخلي، فإن النفس إذا تجردت عن العوائق، صار لها من الفراسة، والكشف بحسب تجردها، وهذه فراسة مشتركة بين المؤمن والكافر، ولا تدل على إيمان، ولا على وَلاية، وكثير من الجهال يغتر بها، وللرهبان فيها وقائع معلومة، وهي فراسة لا تكشف عن حق نافع، ولا عن طريق مستقيم، بل كشفها جزئي من جنس فراسة الولاة، وأصحاب عبارة الرؤيا، والأطباء، ونحوهم.
وللأطباء فراسة معروفة مِن حذقهم في صناعتهم، ومَن أحب الوقوف عليها، فليطالع تاريخهم وأخبارهم" [2]. اهـ.
وقال العلامة عبد الرحمن المُعَلِّمِيُّ اليماني -رحمه اللَّه- تَعَالَى-: " ... ثم جاء القرن الثاني، فتوغل أفرادٌ في العبادة والعزلة وكثرة الصوم والسهر وقلة الأكل، لعزَّة الحلال في نظرهم، فجاوزوا ما كان عليه الحال في عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فوقعوا في طرفٍ من الرياضة، فظهرت على بعضهم
(1) "نزهة الفضلاء" (4/ 3671)، وانظره: (4/ 1683، 1733)، وانظر: "مجموع الفتاوى" (10/ 435) وما بعدها.
(2) "مدارج السالكين" (2/ 486، 487)، وانظر: "قطر الولي" ص (171 - 179)، فإنه مهم.