ومتابعته عن التحديث والإلهام والكشف؛ فإنه قد سلَّمَ قلبه كله، وسره، وظاهره، وباطنه للرسول، فاستغنى به عما منه [1].
قال: وكان هذا المحدَّث يَعْرِضُ ما يُحَدَّثُ به على ما جاء به الرسول، فإن وافقه قَبِلَهُ، وإلا ردَّهُ، فعُلِمَ أنَّ مرْتبَةَ الصِّدِّيقِيَّةِ فوق مرتبة التحديث" [2] اهـ.
وقال أيضًا -رحمه اللَّه- تعالى:
"ولا تظن أن تخصيص عمر -رضي اللَّه عنه- بهذا؛ تفضيل له على أبي بكر الصديق، بل هذا من أقوى مناقب الصديق، فإنه- لكمال مشربه من حوض النبوة، وتمام رضاعه من ثدي الرسالة، استغنى بذلك عما تلقَّاه من تحديثٍ أو غيره، فالذي يتلقاه من مشكاة النبوة أتم من الذي يتلقاه عمر من التحديث، فتأمل هذا الموضع، وأعطه حقه من المعرفة، وتأمل ما فيه من الحكمة البالغة الشاهدة لله بأنه الحكيم الخبير" [3].
* * * [1] كذا بالأصل.
(2) "مدارج السالكين" (1/ 39، 40)، وانظر: "مجموع الفتاوى" (2/ 226، 227)، و"دقائق التفسير الجامع لتفسير شيخ الإسلام ابن تيمية" تحقيق د. محمد السيد الجليند (4/ 306، 307).
(3) "مفتاح دار السعادة" (1/ 255)، دار الكتب العلمية، بيروت.