موقف ابن تيمية من الكشف
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تعريف الكشف: "هو ما يُلقى في النفس عند تجريدها من العوارض الشهوانية، وإقبالها بالقلوب على المطلوب" [1].
لا يعتبر شيخ الإسلام الكشف دليلًا مستقلًّا، بل هو عنده من الأدلة التبعية، أي التابعة لدليل النقل الصحيح، وعليه فلا يمكن الاعتماد عليه إذا انفرد؛ لأنه لا يعلم ما أُلقي في القلب: هل هو وسوسة شيطان، أو لَمة مَلَك؟ [2].
ويُعرف خطأ الكشف عند ابن تيمية بأحد أمور ([3]):
أولًا: بمخالفة الكتاب والسنة، "والأنبياء -صلوات الله عليهم وسلامه- معصومون، لا يقولون على اللَّه إلا الحق، ولا يتكلمون عنه إلا الصدق، ومن سوى الأنبياء ليس معصومًا، فقد يغلط ويحصل له في كشفه، وحسه، وذوقه، وشهوده أمور يظن فيها ظنونًا كاذبة".
ثانيًا: مناقضته للعقل [4]، يقول ابن تيمية: "وإذا أخبر مثلُ هذا بشيء -عُلِمَ بطلانُه بصريح العقل- عُلِمَ أنه غالط".
ثالثًا: مخالفة الحس الظاهر [5].
وبين شيخ الإسلام أن المعرضين عن الأدلة الشرعية لم يبق معهم إلا طريقان: "إما طريق النُّظَّار: وهي الأدلة القياسية العقلية، وإما طريق الصوفية: [1] انظر: "بيان تلبيس الجهمية" (1/ 263). [2] انظر: "شرح العقيدة الأصفهانية" ص (12). [3] انظر: "منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في تقرير عقيدة التوحيد" ص (292)، حيث عزاه إلى: "الجواب الصحيح" (3/ 134 - 136). [4] وسنبين لاحقًا -إن شاء الله- الدليل العقلي على أن الإلهام لا يُحتج به استقلالًا، فانظره ص (179). [5] قال النسفي في عقائده: "إن أسباب العلم للخلق ثلاثة: الحواس السليمة، والعقل، والخبر الصادق، ومنه خبر الرسول المؤيَّد بالمعجزة.
والإلهام ليس من أسباب المعرفة بصحة الشيء عند أهل الحق. اهـ. من "العقائد النسفية" ص (41).