محمد، وقد جرى مثل ذلك أنواع أعرفها، وثَمَّ من يصدق بأن الأنبياء يأتون في اليقظة في صورهم، وثَمَّ شيوخ لهم زهد وعلم وورع يصدقون بمثل هذا.
ومن هؤلاء من يظن أنه حين يأتي إلى قبر نبي أن النبي يخرج من قبره في صورته فيكلمه ... ، وبعضهم كان يحكي أن ابن منده كان إذا أشكل عليه حديث جاء إلى الحجرة النبوية، ودخل، فسأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك فأجابه، وآخر من أهل المغرب حصل له مثل ذلك، وجعل ذلك من كراماته، حتى قال ابن عبد البر لمن ظن ذلك: "ويحك! أترى هذا أفضل من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار؟ فهل من هؤلاء من سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأجابه؟ وقد تنازع الصحابة في أشياء فهلا سألوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأجابهم، وهذه بنته فاطمة تنازع في ميراثه، فهلا سألته فأجابها؟ " [1].
2 - إن ما وقع لهؤلاء الشيوخ هل ثبت عنهم أنه كان يقظة أو منامًا؟ وإذا ثبت أنه كان يقظة، فهل ثبت عنهم بسند صحيح يوثق به؟ وإذا ثبت أنه كان يقظة بسند صحيح يوثق به، فهل هم معصومون من تلبيس الشيطان عليهم؟
كل هذه الأسئلة لا نجد الجواب عليها!!
3 - إن رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- يقظة بعد موته لم تُنقل عن أحد من أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخير من المصطفى -صلى الله عليه وسلم-.
إذ كيف يظهر -صلى اللَّه عليه وسلم- للمفضول ولا يظهر للفاضل؟ وقد حدثت حوادث كانت الحاجة فيها إلى ظهوره شديدة جدًّا [2] لو كان ذلك ممكنًا؛ منها:
1 - اختلاف المهاجرين والأنصار -رضي اللَّه عنهم- على الخلافة، وقد بقي النزاع بينهم مستمرًّا ثلاثة أيام، حتى شغلهم ذلك عن دفن النبي -صلى اللَّه
(1) "مجموع الفتاوى" (10/ 407). [2] انظر: "الفكر الصوفي" ص (474) وما بعدها.