اللفظ الثالث:
رواه جابر -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "من رآني في النوم فقد رآني". فظهر من هذين الوجهين أن الرواية التي استدل بها القوم جاءت مخالفة لجميع ألفاظ مَن روى هذا الحديث مِن أصحاب أبي هريرة عنه -رضي اللَّه عنه-، بل جاءت مخالفة لجميع ألفاظ مَن روى هذا الحديث مِن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
الوجه الثاني:
ونتيجة لهذا الاختلاف حكم العلماء بأن لفظ: "فسيراني في اليقظة" مشكل، ومِن ثَمَّ أخذوا يتأولونه، ويذكرون له أجوبة كي يتوافق مع روايات الجمهور، وأولوه على عدة تأويلات على النحو التالي:
1 - قال ابن التين: "المراد به من آمن به في حياته ولم يره؛ لكونه حينئذ غائبًا عنه [1]، فيكون بهذا مُبَشِّرًا لكل من آمن به، ولم يره، أنه لا بد أن يراه في اليقظة قبل موته [2]، والمعنى: أن اللَّه سيوفقه للهجرة إليه، والتشرف بلقائه في حياته، ويكون اللَّه -تَعَالَى- جعل رؤيته في المنام علامة على رؤياه في اليقظة.
ب- وقال ابن بَطَّالٍ: معناه: سيرى تأويل تلك الرؤيا في اليقظة وصحتها، وخروجها على الوجه الحق [3].
جـ- وقيل: إنه على التشبيه والتمثيل، ويدل على ذلك قوله في الرواية الثانية: "فَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ" [4].
د- وقيل المعني أنه يراه يَقَظَة في الآخرة، وفي هذا بِشَارَةٌ لرائيه بأن يموت [1] أي لأنه لم يكن هاجر في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
(2) "فتح الباري" (12/ 385).
(3) "نفس المرجع" (12/ 385)، "شرح المواهب اللدنية" للزرقاني (5/ 293).
(4) "نفسه" (12/ 385).