فيه محبة، ولا ذوق، ولا لذة عند وجده، ويحب سماع المكاءِ والتصدية [1]، ويجد عنده مواجيد، فهذه أحوال شيطانية، وهو ممن يتناوله قوله -تَعَالَى-: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: 36].
فالقرآن هو ذكر الرحمن، قال -تَعَالَى-: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا} [طه: 124 - 126]، يعني: تركتَ العملَ بها. {وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}.
قال ابن عباس -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: "تكفَّل الله لمن قرأ كتابه، وعمل بما فيه، ألَّا يَضِلَّ في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة"، ثم قرأ هذه الآية) [2] اهـ.
حِيَلٌ لَا خَوَارِقُ
من الخوارق ما لا يكون بتسبب شيطاني مباشر، وإنما يكون بطريق التعلم والحيلة، كما يفعله النصارى كثيرًا، وكما كان يفعل ابن تومرت [3]، وكما رُوِيَ عن الحلَّاج، من أنه (كان يدفن شيئًا من الخبز، والشواء، والحلوى في موضع من البَرِّيَّة، ويُطْلِعُ بعض أصحابه على ذلك، فإذا أصبح قال لأصحابه: "إن رأيتم أن نخرج على وجه السياحة"، فيقوم، ويمشي الناس معه، فإذا جاءوا إلى ذلك المكان، قال له صاحبه الذي أطلعه على ذلك: "نشتهي الآن كذا وكذا"، فيتركهم الحلاج، وينزوي عنهم إلى ذلك المكان، فيصلي ركعتين، ويأتيهم بذلك، وكان يمد يده إلى الهواء، ويَطْرَحُ الذهب في أيدي الناس، ويُمَخْرِقُ، [1] المكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق.
(2) "الفرقان" ص (147 - 151). [3] انظر حيل ودجل ابن تومرت في "المهدي" للمؤلف ص (226) وما بعدها.