ولقد ساد السلام والانسجام المطلقان في مملكة النور، كما تم وصف جمال الإله المكلل بالورود بأقوال جزلة، ووقف أمامه اثنا عشر فصلًا جميعها مغطاة بالورود أيضًا، وقد غطته بالمزيد من الورود والأزهار، ودعيت هذه الفصول باسم أبنائه، وقد جرت توزيعهم بأن قام ثلاثة أرباب منهم في منطقة سماوية محددة، وذلك ضمن مخطط ذي مجموعات ثلاثية أربع تتوافق من جديد مع النموذج الرباعي، وتم دفع ريح لطيفة واهبة للرخاء عبر المناطق السماوية؛ حيث جرى الرحيق باستمرار من خلالها، وتباينت حالة مملكة الظلام تباينًا تامًّا وحادًّا مع تناسق ووئام مملكة النور؛ حيث سار سكان عالم المادة، ودفع بعضهم بعضًا إلى هنا وهناك، وكانوا دائمًا يركضون باستمرار، وأدت حركة الدوران وعدم استقرار هذه فيما مضى إلى ديمومة عدو الظلام نحو الحافة القصوى للملكة؛ حيث ارتكز الظلام على النور عندما لمح الشيطان وأعوانه مملكة النور، استبد بهم شوق عنيف إلى هذه المملكة السامية الرائعة، لهذا أوقفوا نزعاته، وتشاور بعضهم مع بعض حول كيفية التسرب إلى وسط النور، ومن ثم الاندماج به، وأعدوا أنفسهم وسلحوها استعدادًا للهجوم، وانقضوا من أسفل على مملكة النور، فأصبحت بذلك محاطة بالتهديد والاضطراب الخطير.
وتحتم الآن على ملك النور وإلهه أن يخرج عن صمته المهيب، وركوده الذاتي عن فيض وجوده؛ لكي يدافع عن نفسه وعن مملكته، حيث يجب عليه أن ينتقل من وجود التأمل إلى وجود العمل. وكان بور قد لفت الانتباه إلى الأصل الإيراني لموضوع النزاع المثيولوجي الذي سيظهر بشكل أكثر وضوحًا في الكتابات البهلوية، كما أن الفقرات المناسبة الموجودة هناك ذات ملامح زروانية صرفة،