وروى الإِمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وأبو بكر الآجري عن أبي رافع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والناس حوله «لا أعرفن أحدكم يأتيه أمر من أمري قد أمرت به أو نهيت عنه وهو متكئ على أريكته فيقول ما وجدنا في كتاب الله عملنا به وإلا فلا» هذا لفظ الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وروى ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه نحو حديث المقدام وأبي رافع رضي الله عنهما.
وفي هذه الأحاديث الصحيحة أبلغ رد على المؤلف وأبي رية وأشباههما من أعداء السنة لما فيها من التشديد والإِنكار على من عارض السنة بالقرآن.
الوجه الثاني أن الله تعالى قال (وأنزل الله عليك بالكتاب والحكمة) والحكمة هي السنة على أصح التفاسير. وهذه الآية تؤيد حديث المقدام رضي الله عنه. وفيها رد على المؤلف وأبي رية في إلغائهما للسنة وقولهما أن القرآن هو البداية وهو النهاية ولا شيء سواه.
الوجه الثالث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بتدوين السنة خوفا من اختلاطها بالقرآن. فلما أمن ذلك في زمن التابعين أمر الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى بتدوين الحديث وأجمع المسلمون على جواز ذلك. وقد تقدم بيان ذلك قريباً فليراجع [1].
وفي إجماع المسلمين على جواز التدوين أبلغ رد على من خالفهم وشذ عنهم من جهلة العصريين وزنادقتهم.
الوجه الرابع أن يقال مما يدل على جواز ما فعله المسلمون من تدوين الحديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة خطبته يوم الفتح لأبي شاه وإذنه لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن يكتب ما سمعه منه من الحديث. وما كتب به صلى الله عليه وسلم لبعض عماله من الكتب التي فيها فرائض الصدقة وبعض [1] ص: 87 - 89.