ولا يضر وأن العمل بالضعيف إنما يشرع في عمل قد علم أنه مشروع في الجملة. أما إثبات سنة فلا, هذا كلام شيخ الإِسلام أبي العباس ابن تيمية وغيره من أكابر العلماء في العمل بالحديث الضعيف وبه يرد على المؤلف فيما توهمه على العلماء أنهم يقولون إن فضائل الأعمال تقوم على ضعيف الحديث.
الوجه الثاني أن يقال إن المؤلف أبدى عجبه مما توهمه على العلماء الذين قالوا إنه يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال, وأعجب من ذلك تشكيك المؤلف في الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وطعنه فيها بغير حجة وتهجمه على صحيح البخاري الذي هو أصح الكتب بعد القرآن ومخالفته لإِجماع المسلمين على صحة ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما وقبوله والعمل به, ولا شك أن هذا من المحادة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم واتباع غير سبيل المؤمنين فالإِقدام على هذه الأعمال من رجل ينتسب إلى الإِسلام من أعجب العجب.
فصل
وقال المؤلف في صفحة (43) ما ملخصه:
كان الرشيد يعجبه الحمام واللهو به فأهدي إليه حمام وعنده أبو البختري قاضي المدينة فقال للرشيد روي عن النبي - ص - أنه قال (لا سبق إلا في زحف أو حافز أو جناح) فزاد جناح وهي لفظ وضعها للرشيد خاصة فأعطاه جائزة سنية ولما خرج قال الرشيد والله قد علمت أنه كذاب وأمر بالحمام أن يذبح فقيل وما ذنب الحمام قال من أجله كذب على رسول الله.
والجواب أن يقال هذا الكلام نقله المؤلف من كتاب أبي رية وقد حرف فيه فقال «في زحف أو حافز» وصوابه في «خف أو حافر» وقال «وهي لفظ» وصوابه «وهي لفظة» وقد وهم أبو رية حيث زعم أن أبا البختري هو الذي وضع الزيادة في هذا الحديث للرشيد, وقد تبع المؤلف أبا رية على الوهم لغباوته وجهله. والصواب أن الذي وضع الزيادة في هذا الحديث غياث بن إبراهيم النخعي وضعها للمهدي لا للرشيد, قال أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه «الموضوعات» القسم الخامس قوم كان يعرض لهم غرض فيضعون الحديث, فمنهم من قصد بذلك التقرب إلى السلطان بنصرة غرض كان له كغياث بن إبراهيم فإِنه حين أدخل على المهدي وكان المهدي يحب الحمام إذا قدامه حمام فقيل له حدث أمير المؤمنين فقال حدثنا