رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات قبل أن يخرجه وعمل به أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. ولا ينكر أهمية الفرائض والسنن وأحكام الديات وغير ذلك من القضايا التي اهتم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتبها في الكتب الثلاثة إلا من هو زائغ القلب محاد لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
الوجه الرابع أن يقال مما يدل على غباوة المؤلف وكثافة جهله ظنه أن العقل المذكور في صحيفة علي رضي الله عنه هو مجرد عقل الإِبل أمام بيت صاحب الدم, وقد تقدم بيان العقل [1] وأنه الدية. والمراد بما في الحديث بيان أحكام الديات ومقاديرها وأصنافها. وأما عقل الإِبل بفناء أولياء المقتول فليس بشرط يلزم القاتل فعله وإنما هو من العادات المعروفة عند العرب ولأجل هذه العادة سمو الدية عقلاً وقد أقر الإِسلام هذه التسمية. ولو أن القاتل سلم الإِبل لأولياء المقتول بغير فنائهم وبدون عقلها لما كان عليه في ذلك شيء ولم يكن تغييره للعادة مزيلاً لاسم العقل عن الدية. والمقصود هنا بيان أن عقل الإِبل بفناء أولياء المقتول ليس له أهمية كما توهم ذلك المؤلف وإنما الأهمية لبيان أحكام الديات وهو المراد في صحيفة علي رضي الله عنه.
الوجه الخامس أن يقال إن بيان أسنان الإِبل التي تؤخذ في دية النفس والجراحات وفرائض الصدقة له أهمية كبيرة ولا يستهين بهذه الأهمية إلا جاهل أو معاند, والمؤلف لا يخرج عن أحد الوصفين.
الوجه السادس أن يقال إن الأحاديث الصحيحة التي خرجها البخاري ومسلم في صحيحيهما كلها صافية من أكاذيب الوضاعين. وكذلك الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم مما خرجه أهل السنن والمسانيد فكلها صافية من الكذب. وإنما البلاء كل البلاء من تلامذة الإِفرنج ومن يقلدهم ويحذو حذوهم من جهال العصريين وزنادقتهم فهؤلاء هم الذين نصبوا العداوة للأحاديث الصحيحة وشككوا فيها وزعموا أن كثيراً منها من الدس الإِسرائيلي, وقد كذبوا فيما زعموا وجاءوا ظلماً وزوراً, ولا شك أن هؤلاء هم أهل الدس على المسلمين وأنهم شر من [1] ص: 140.