وفي الآية الكريمة دليل على المنع من بدعتي المأتم والمولد لأنهما من المحدثات المخالفة لما قضاه الله في كتابه وما قضاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الثابتة عنه, فأما قضاء الله تعالى فهو مذكور في البراهين التي تقدم ذكرها وفيما سيأتي من البراهين, وأما قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسيأتي ذكره في البرهان السادس عشر وما بعده من البراهين إن شاء الله تعالى.
وفي الآية أيضاً أبلغ رد على صاحب المقال الباطل وعلى أمثاله من المفتونين ببدعتي المأتم والمولد المجتهدين في الذب عنهما والجدال في تقريرهما بالباطل.
البرهان الثالث عشر: قول الله تعالى في سورة النور: {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون} وهذه الآية شبيهة بالآية المذكورة قبلها لأن كلاً من الآيتين تدل على أنه يجب تحكيم الكتاب والسنة في جميع الأمور ومقابلة ما جاء فيهما من الأوامر والنواهي بالسمع والطاعة وذلك بفعل الأوامر واجتناب النواهي.
وفي الآية الكريمة أوضح دليل على المنع من بدعتي المأتم والمولد لأنهما من المحدثات التي لم يأذن الله بها ولم يأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تكن من فعله ولا من فعل أصحابه رضي الله عنهم, وما كان بهذه المثابة فهو داخل في عموم ما نهى الله عنه في قوله: {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون} وداخل في عموم قوله تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} وداخل في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» وفي قوله أيضاً: