القول عندئذ إن وحدته قد غدت زائفة تماماً، وأنه حرم من مصيره عن طريق تشويه وتمزيق التزاماته بالقيم التي تسود الكون والحياة والعالم؛ بحيث يستطيع أن يقول في أوج ضياعه: أريد أن أفلت من المصير" [1].
والقضية نفسها - قضية توحيد الذات والإرادة والهدف، أي: بالمصطلح الاسلامى توحيد العبادة تعرض لها مؤلف أمريكي يعمل طبيباً نفسياً، واضطر المسكين بحكم عمله إلى الكتابة لمرضاه عن أفضل طريق للتخلص من إرهاق الحياة العصرية وقلقها، لكنه في الفصل الأخير من كتابه نسي المرضى واشتغل بنفسه، إنه مريض هو أيضاً! لماذا؟ لأنه كما يقول: لا يملك الإيمان الصحيح!
فهو يصرخ مستنجداً: (إنني محتاج للدين لتنظيم حياتي) [2].
ولكن أي دين؟ أهو النصرانية المحرفة؟ كلا.
إنه يرى أن إيمانها ناقص مشوه: "ومعركتي مع رجال اللاهوت لا ترجع إلى أنهم يقولون لي عن الله أكثر مما يجب، بل لأنهم يقولون أقل بكثير مما يجب، فأنا أبغي معرفة كل شيء عنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فأنا مثل الطفل الشره الذي يحصل في عيد الميلاد على لعبات ست، فيبدي أنه صدم؛ لأنه لم يحصل على كل ما في حانوت لعب الأطفال من لعب" [3].
لذلك يعترف في جرأة نادرة:
"إن العالم الغربي لم يهضم بعد الديانات العظيمة التي نشأت في الشرق الأوسط، إنه لم يخرج بعد من العصور المظلمة" [4]. [1] تهافت العلمانية: (81/ 83). [2] لمن ترهقهم الحياة، هارولد فينك: (274). [3] المصدر السابق: (270). [4] المصدر السابق: (276).