وهذه وضعت لها الشريعة قواعد وضوابط عامة لا يصح أن تخرج عنها.
فالحكم -مثلاً- يقوم على أصول منها: أن يكون بما أنزل الله، وأن يكون شورياً ومراعاة جلب المصالح ودرء المفاسد وسياسة الناس بالعدل وتوفير أقصى حد ممكن من الأمن والطمأنينة للرعية.
وتركت التفصيلات - رحمة من غير نسيان - إلى اجتهاد الأمة مثل كيفية وشروط المبايعة والعزل وتحديد الشورى وكيفية تنظيم الولايات والقضاء وتحديد المصلحة أو المفسدة ... إلخ.
والاقتصاد يقوم على أصول منها: أن المال كله لله والبشر مستخلفون فيه، وجوب تأمين الضروريات لكل فرد، تحريم أكل أموال الناس بالباطل في أي صورة، تحريم الربا والمكوس، النهي عن الاحتكار والجشع، النهى عن أن يكون دولة بين الأغنياء، الحث على الإنفاق ووجوبه إذا اقتضت الضرورة ... إلخ.
أما أسلوب وضع الخطط الاقتصادية، وضمان تحقيق هذه الأصول وكيفية التعامل المباح بين المؤسسات العامة والخاصة وإشراف الدولة أو سيطرتها على الإنتاج أو التجارة وما أشبه ذلك، فهي موكولة -أيضاً- إلى اجتهاد الأمة في حدود تلك الأصول.
وهكذا بقية مجالات الحياة المماثلة.
هذا مع التنبيه إلى أن الاجتهاد - المباح أو الواجب هنا - يجب أن توافر فيه فوق كونه طبعاً فيما لا نص شرعياً فيه شروط منها:
(أ) أهلية المجتهد، فليس من حق أي موظف أو مسئول أن يجتهد حسب هواه.
(ب) ألا يصادم نصاً أو قاعدة شرعية أخرى.