مقرراً اعتمدته الكنيسة بعد مجمع نيقية ففصلت بين العقيدة وبين الشريعة، بين الدين والدولة وقسمت الحياة البشرية دائرتين مغلقتين:
الأولى: (دينية) من اختصاص الله، ويقتصر محتواها على نظام الإكليروس والرهبنة والمواعظ وتشريعات طفيفة لا تتعدى الأحوال الشخصية.
والأخرى: (دنيوية) من اختصاص قيصر وقانونه، ويحوي محيطها التنظيمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلاقات الدولية ونظم الحياة العامة.
هذه القسمة الضيزى لم تجد الكنيسة غضاضة فيها، ولم تتحرج من جعل قيصر شريكاً لله في ملكه، بل أعظم من شريك، فقسمت الكون شطرين: شطر لله وشطر لقيصر، فما كان لله فهو يصل إلى قيصر وما كان لقيصر فلا يصل إلى الله.
ويرى بعض المؤرخين أن السبب الذي أوقع الكنيسة في ذلك هو نظرتها القاصرة إلى الحياة الدنيا .. يقول صاحب (تاريخ أوروبا في العصور الوسطى): (إن المسيحيين الأولين على وجه الإطلاق لم يعمدوا إلى شيء من الإصلاح في المجتمع الروماني الذي نبتوا فيه برغم ما هو معروف من تحريمهم لكثير من العادات والطقوس القديمة، ولم تكن لهم فلسفة في الدولة وأصول الحكم ولا الإيمان بتجديد المجتمع من طريق الإنشاء والتنظيم، ولم يخطر ببال أحد منهم أن في استطاعة جماعاتهم الصغيرة البعيدة عن السلطة والنفوذ أن تحدث بالسياسة الرومانية أو المجتمع الرومانى شيئاً من التعديل، ذلك أنهم أيقنوا أن الدنيا متاع الغرور والشرور، وتعلموا أن الإنسان طريد جنة الخلد وحق عليه العذاب المقيم.