على أن يكون التعليم مختلطاً فيه الذكور والإناث، واشتد الصراع في الجامعة من أجل ذلك، وكتب الرافعي شيطان وشيطانة رداً على طه حسين وسهير القلماوي، كما كتب مقالاً يحيي فيه طلبة الجامعة الذين رفضوا الاختلاط، [1] ولكن الانتصار كتب لدعاة الاختلاط، فقد كان في صفهم الزعماء السياسيون ومعظم الصحف، وكل القوى الدخيلة من مبشرين ومستشرقين في الجامعة وغيرها، إذ أن هذه القوى مجتمعة فزعت لظهور الحركة الإسلامية الطلابية وحاربتها أشد الحرب.
ولم يقنع الكتاب النسائيون بما حققته الدعوة من مكاسب ونجاح، ولعل مرد ذلك إلى أن الأسياد ينتظرون المزيد، بل ظلت الحرب النفسية مستمرة، فبعضهم يغرق في المبالغة والوهم، حتى يجعل وضع المرأة هو المسئول عن مشكلات مصر من أولها إلى آخرها، كما قال سلامة موسى:
"تعدد مشكلاتنا يوهم اختلافها في الأصل وأنها لا يتصل بعضها ببعض، ولكن المتأمل المفكر يستطيع أن يجد النقطة البؤرية لجميع هذه المشكلات، والنقطة البؤرية الوحيدة هنا هي أن نظامنا الإقطاعي في نظرته للعائلة ومركز المرأة والأخلاق الأبوية والنظرة الاجتماعية، كل هذا يعود إلى مشكلة واحدة هي أن آراءنا الإقطاعية القديمة التي ورثنا معظمها عن الدولة الرومانية الملعونة (لا يريد أن يعترف بالإسلام) لم تعد تصلح للحياة العصرية، وان متاعبنا وأرزاءنا واصطداماتنا تنبع من هذا الكفاح الذي نكافحه نحو حياة ديمقراطية جديدة، نتخلص بها من الحياة الإقطاعية القدمية" [2]. [1] وحي القلم: (3/ 163). [2] الأدب للشعب: (66 - 67).