اشتد الحماس لهذه الحركة - في فترة عصيبة حرجة -، وهذا التوقيت المشبوه يوحي بأن وراء الأكمة ما وراءها، ذلك أنه في سنة 1919 هبت مصر في وجه الاستعمار، ووقف الشعب بشجاعة مع عدد من المخلصين حقيقة يطالب بحقه من الحرية والحياة، وفي تلك الظروف الصاخبة التي تتميز بالغليان والاضطراب، وفي غمرة الثورة العارمة نشطت دعوتان مريبتان متآخيتان، إحداهما استغلت ظروف الثورة لسلخ الأمة عن انتمائها، وهي الدعوة إلى اللادينية تحت ستار الشعار الذي رفعته الزعامات المصطنعة (الدين لله والوطن للجميع) والأخرى: دعت إلى نسف الفضائل الإسلامية من خلال دعوتها إلى تحرير المرأة.
في ذلك الجو العاصف انبرت هدى ورفيقاتها للدفاع عن حقوق الوطن وطرد المحتلين، ولكن بماذا؟ لقد خرجن في مظاهرة ومزقن الحجاب وأحرقنه في ميدان عام، وكان هذا أعظم إسهام منهن في الثورة، وإذ حدث أن الجنود البريطانيين - لحاجة في نفس يعقوب - طوقوا الشوارع ساعة المظاهرة واعتدوا على بعض المتظاهرات، فقد بدا ذلك في أعين الشعب محاولة من بريطانيا لمنع المرأة المصرية من التحرر، وبذلك اكتسبت الحركة صفة البطولة الوطنية!! (1)
وتظهر الحقيقة أجلى وأوضح إذا علمنا أنه في تلك الفترة نفسها كان أتاتورك يهدم الإسلام تحت زيف البطولة الوطنية -أيضاً-.
لقد اعتبرت هذه البطولة مبرراً كافياً للانقضاض على الأخلاق، بل لمهاجمة أحكام الإسلام علانية، إذ ردد دعاة الإباحية قولهم: أليس الجنس اللطيف الذي أدى دوره في الثورة الوطنية بإخلاص، جديراً بأن
(1) انظر كتاب سعد زغلول بقلم سكرتيره: محمد إبراهيم الجزيري: (203) فما بعد.