ومع أن الأدب الحديث في غالبه علماني موضوعياً، فقد ظهرت له دعوات علمانية ذاتية، تطالب بفصله عن الدين، بل وعن الأخلاق تحت شعارات "الفن للفن" و"الأدب غير الملتزم" والأدب للشعب والأدب للواقع ...
وممن طالب بفصل الأدب عن القيم الدينية سلامة موسى، فمن كلامه قوله عن رسالة الأب:
(إن رسالته العصرية دينية ولكنها مع ذلك بشرية، وهذه الجملة الأخيرة تحتاج إلى تفسير، ذلك أن الأديان الغيبية القديمة كانت تحملنا تبعات وتطالبنا بواجبات، ولكن القيم الأخلاقية والاجتماعية في هذه الأديان كانت قيم الآخرة ولم تكن قيم الدنيا، فكان علينا أن نكون صالحين، نمارس الفضيلة ونصلي ونصوم حتى نستمتع بالفردوس ولا نتعرض للعقوبة بعد الموت فالقيم هنا أخروية، ولكن الأدب الفرنسي العصري بل الأوروبي كله يحملنا -أيضاً- تبعات ويطالبنا بواجبات ولكن القيم الأخلاقية والاجتماعية فيه هي قيم الدنيا فقط، فيجب أن نكون صالحين لأن نمارس الفضيلة كي نخدم المجتمع البشري ونرقى بشخصيتنا أخلاقاً ومعارف، ونجعل من كوكبنا فردوساً نجد فيه السعادة والخير والشرف) [1].
وكما برزت الوجودية في إنتاج أنيس منصور، والماركسية في كتابات نجيب محفوظ، برز الاتجاه الضائع الناهج نهج اللامعقول في شعر بدر شاكر السياب، كما في أنشودة المطر، ومثله الشاعر اللبناني الملقب أدونيس (2)
على أن الاتجاه إلى اللامعقول لم يفض إلى الثورة على الأدب [1] الأدب للشعب: (112).
(2) اسمه الأصلي: أحمد سعيد علي.