أقنعة البحث العلمي أو التمذهب الأدبي، حتى لا يصدم مشاعر الجماهير فتنصرف عن إنتاجه.
وكما ظهر ذلك في الكتاب فقد ظهر في الشعراء، ويبدو لي أن شعراء مصر أقل من شعراء العراق كالرصافي والزهاوي في ذلك، فالزهاوي -مثلاً- (1936) يمتلئ ديوانه بالأفكار الإلحادية التي لا تخرج في جملتها عن نظرية داروين أو نظرية هيكل الأثيرية، التي هي في الواقع امتداد للداروينية، من ذلك قوله:
إني أفكر في الطبيعة فاحصاً فيعد تفكيري من الإلحاد
ووجدت أن الكائنات سلالة لا فرق بين خفيها والبادي
أما الزمان فإن في دورانه ما يربط الآزال بالآباد (1)
وقوله:
ما حياة قديمها غير باد لك إلا تطور في جماد
إنها تتبنى لها في نظام كل ما يقضي حاجتها من عتاد (2)
(كذا) ومن رباعياته:
ما نحن إلا أقرد من نسل قرد هالك
فخر لنا ارتقاؤنا في سلم المدارك (3)
بل نجده يهجو المخالفين لنظرية داروين من معاصريه:
إن الذين عن الأقراد قد بعدوا ... لم يجحدوا أنهم منهن قد ولدوا
(1) ديوان الزهاوي: (525، 599).
(2) المصدر السابق: (525، 599) والبيت مكسور في الأصل.
(3) ديوان الزهاوي: (525، 599).