سبقت تركيا في ذلك [1].
وكان الخديوي إسماعيل مفتوناً بالغرب، وقد مهدت سياسته الفاشلة لتدخل بريطانيا في شئون مصر ثم احتلالها نهائياً.
ومع الاحتلال جاء كرومر بمخططه الخبيث، وبدأت القوى العالمية تشرف على حركة إلغاء الإسلام أو عزله عن شئون الحياة كلها.
والحق أنه لم يكن لكرومر ولا لغيره أن ينجح لولا الزعماء والعلماء الذين تطوعوا بخدمته، فالحزب الوطني -أول حزب سياسي في مصر- يعلن برنامجه الرسمي سنة 1882م ونجد فيه:
الحزب الوطني حزب سياسي لا ديني؛ فإنه مؤلف من رجال مختلفي العقيدة والمذهب، وأغلبيته مسلمون لأن تسعة أعشار المصريين من المسلمين، وجميع النصارى واليهود، وكل من يحرث أرض مصر ويتكلم بلغتها منضم إليه، لأنه لا ينظر لاختلاف المعتقدات، ويعلم أن الجميع إخوان، وأن حقوقهم في السياسة والشرائع متساوية (2)
والثورة العرابية لو قدر لها أن تنجح فربما كانت سبقت مصطفى كمال بأشياء كثيرة فها هو أحد زعمائها يقول:
كنا نرمي منذ بداية حركتنا إلى قلب مصر جمهورية مثل سويسرا، ولكنا وجدنا العلماء لم يستعدوا لهذه الدعوة؛ لأنهم كانوا متأخرين عن زمنهم، ومع ذلك فسنجتهد في جعل مصر جمهورية قبل أن نموت [3] ولهذا فما الذي يمنع كرومر بعد ذلك أن يقول:
إن الإسلام ناجح كعقيدة ودين ولكنه فاشل كنظام اجتماعي، فقد وضعت قوانينه لتناسب الجزيرة العربية في القرن السابع الميلادي [1] وجهة الإسلام: (42 - 43).
(2) الاتجاهات الوطنية: (1/ 154). [3] المصدر السابق: (1/ 159).