وحاربت بشدة صارمة كل من اعترض طريقها من المتورعين وحتى المعتدلين شيئاً ما من الكماليين [1].
ولذلك فإن حكومة تركيا العلمانية الكمالية - هي كما وصفها الأمير شكيب أرسلان - ليست حكومة لادينية من طراز فرنسا وإنجلترا فحسب، بل هي دولة مضادة للدين كالحكومة البلشفية في روسيا سواء بسواء، إذ أنه حتى الدول اللادينية في الغرب بثوراتها المعروفة لم تتدخل في حروف الأناجيل وزي رجال الدين وطقوسهم الخاصة وتلغي الكنائس [2].
والحقيقة المرة أن مصطفى كمال قد خلق نموذجاً صارخاً للحكام في العالم الإسلامي، وكان لأسلوبه الاستبدادي الفذ أثره في سياسات من جاء بعده منهم، كما أنه أعطى الاستعمار الغربي مبرراً كافياً للقضاء على الإسلام، فإن فرنسا مثلاً بررت تنصير بلاد المغرب العربي وفرنجتها بأنه لا يجب عليها أن تحافظ على الإسلام أكثر من الأتراك المسلمين أنفسهم!!
وليس أعجب من هذا الرجل وزمرته إلا من ينادون اليوم - من الزعماء - بإقامة حكومات علمانية في بلادهم، ويقولون: إن مصطفى كمال هو قائدهم الروحي.
في مصر:
يقول توينبي: إن مصر بدأت تتجه نحو الاصطباغ بالصبغة الأوروبية منذ أيام محمد علي متفوقة على تركيا، [3] كما يرى جب أنها [1] انظر: تاريخ الشعوب الإسلامية، بروكلمان، فصل تركية والإسلام في الغرب جان بول رو: (181، 186)، والصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية: (59 - 63). [2] حاضر العالم الإسلامي: (3/ 336). [3] مختصر دراسة التاريخ: (3/ 113).