التمتع السعيد الطبيعي السليم بخيرات الحياة في حضارة رفيعة.
ووجدوا هنا أن اللذات غير الضارة والميول الطبيعية تعتبر الوسائل التي بواسطتها ينظم العقل حياة صالحة، وأنها ليست من الشيطان، فلا داعي إذن إلى اعتبارها ذنباً إما أن يقهر بعون إلهي أو ينهل منه في خجل وشعور بالعار ... )).
((أدى كل هذا بالطبع إلى ثورة على الأخلاق المسيحية، فبدلاً من المحبة حل الفرح باستعمال الإنسان للقوى التي وهبه الله إياها، وحلت الحرية والمسئولية بتوجيه العقل محل الخضوع لإرادة الله، وأخذ البحث الفكري الجريء يحتل بالتدريج مكان الإيمان.
وانفجرت العاصفة بكامل عنفها على رأس الراهب، ذلك أن فشل الراهب في تحقيق الطهارة التي بشر بها جعلت أدب القرون الوسطى منذ ولادته يعطي لزلات الراهب صورة أكثر بشاعة، وصورته بأنه أكثر حيوانية من سواه، وجاء أحذق الإيطاليين وأجرؤهم إطلاقاً لورنزفالا ... ، فأنكر في كتابه حياة الرهبانية كل قيمة للتقشف والقداسة وذهب أبعد من ذلك في رسالته عن اللذة التي يتفق فيها مع المذهب الأبيقوري، فأعلن أن المرأة المتزوجة بل المستهترة أيضا هي أفضل من الراهبة، لأنها تسعد الرجل أما الراهبة فهى تعيش في تبتل لا فائدة منه، وينعت موت الإنسان في سبيل بلاده أو من أجل أي مثل أعلى بأنه لا يقره العقل)).
((هذا التحول المفاجئ يوحي في بعض الأحيان بالرجوع إلى ما يشبه الوثنية الخالصة، ويمثل الفن الإيطالي أحسن تمثيل المزج الكامل بين المسيحية والوثنية، فلو ألقينا نظرة على بعض الرسوم الشهيرة هل نستطيع التفريق بين الله والملاك والعذراء والصبي وكيوبيد والقديس ..... )).