الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالإنجيل [1]، إنما كان يعني ذلك الإنجيل المنزل، لا شيئاً آخر سواه.
والقرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي تكفل الله بحفظه بنفسه ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) [الحجر:9] أما الكتب السابقة فقد وكل حفظها إلى علماء دينها.
((إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ)) [المائدة:44] إذن فقد كان في عهدة الكنيسة أن تحفظ هذا الإنجيل بنصه السماوي وصبغته الإلهية، فلا يمسه عبث عابث، ولا تجترئ عليه يد محرف، لكن الكنيسة -كعادتها- فرطت في واجبها، بل إنها هي التي فتحت للمغرضين باب التحريف والقول على الله بغير علم.
إن محرري دائرة المعارف البريطانية، وهم من ذوي الكفاءات العالية في معظم التخصصات - ومنها اللاهوت - لم يتطرفوا أو يبالغوا في القول بأنه "لم يبق من أعمال السيد المسيح شيء ولا كلمة واحدة مكتوبة" [2]، بل إنما عبروا بذلك عما ينبغي أن يقرره الباحث العلمي المدقق.
ونحن المسلمين نؤمن بأن في خبايا الأناجيل شيئاً من أقوال المسيح وتعاليمه التي يحتمل أنها وحي من الله، لكن ذلك لم يثبت لدينا بسند تاريخي موثوق إلى المسيح، وإنما آمنا به لأننا لو عرضناه على الوحي الإلهي المحفوظ "القرآن والسنة" لوجدنا الصلة بينهما واضحة، أما من لا يؤمن بالقرآن ولا يعترف إلا بحقائق البحث [1] مرقص: (1 - 16). [2] عن الجفوة المفتعلة: (13).