في ناحية الاهتمام بشئون الإنسان في هذه الدنيا وترك الاهتمام بشئون الآخرة)).
وأما جيوتو فكان فنان هذه النهضة كما كان دانتي شاعرها، فقد أخذ جيوتو يرسم على جدران كنائس مدينة (أسيزي) صوراً وأقاصيص لحياة القديس فرانسيس عرض بها رسوماً من الناس، والطبيعة والطير والحيوان والزهور من واقع الحقيقة والمشاهدة، وهو حدث جديد في الفن وخروج عن التقليد القديم في تصوير العذراء والطفل وتصوير القديسين.
((إن ملحمة الكوميديا [1] كانت حدثاً جديداً في الأدب، حدثاً ضخماً لم يسبق له مثيل، فليس إذن من العجب أن يدعوها الناس بلقب الإلهية، لأنهم شعروا عند ظهورها أن أدبا أوروبياً جديداً قد انبثق فجره)).
((إن الناس كانوا يعتقدون ما علمتهم الكنيسة إياه من أن كل إنسان يكفر بالمسيحية جزاؤه جهنم، وأما من يؤمن بها فمآله إلى الجنة، وجاء دانتي فخرج على تلك العقيدة القديمة، وأقام موازين جديدة للعقاب والثواب على أساس من الأخلاق، وعندما ننظر اليوم إلى الوراء نجد شاعراً يوزع بالقسطاس العقاب والثواب بدلاً من أن يوزعها البابا، فإننا لا نرى في عمله شيئا خارقاً غير أنه بالقياس إلى عصره كان لا شك انقلاباً خطيراً)).
((وقد صدق الشاعر بوب عندما عبر عن فلسفة القرن التالي (18) بقوله: "إن خير دراسة يقوم بها البشر هي دراستهم للإنسان" وقد كان شكسبير قبله خير من قام بهذه الدراسة، والحق أن شكسبير [1] أثبت كثير من الباحثين أن هذه الملحمة مقتبسة عن رسالة الغفران للمعري، انظر مثلاً مقال الدكتورة: عائشة عبد الرحمن بسلسلة تراث الإنسانية: (2/ 424).