responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العلمانية - نشأتها وتطورها المؤلف : الحوالي، سفر بن عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 432
بصرف النظر عن الصالح العام، وتجنب الرجال الزواج خشية المسئولية، وانتهى الأمر بالنساء إلى عبودية كاملة وإلى طفيليات فاسدة، ورأى الشباب نفسه قد منح حريات جديدة، تحميه الاختراعات من نتائج المغامرات النسائية في الماضي، وتحوطه من كل جانب ملايين المؤثرات الجنسية في الفن والحياة.
حتى إذا سئمت فتاة المدينة الانتظار اندفعت إلى عالم لم يسبق له مثيل في تيار المغامرات الواهية، فهي واقعة تحت تأثير إغراء مخيف من الغزل والتسلية وهدايا من الجوارب وحفلات من الشمبانيا في نظير الاستمتاع بالمباهج الجنسية.
وأخيراً تجد الرفيق الذي يطلب يدها للزواج، ويعقد عليها لا في الكنيسة، لأنهما من أحرار الفكر الذين ألحدوا عن الدين، ولم يعد للقانون الخلقي الذي ظل جاثماً على إيمانهما المهجور أثر في قلبهما، إنهما يتزوجان في قبو المكتب البلدي الذي يفوح منه عبير السياسة، ويستمعان إلى تعاويذ العمدة، إنهما لا يرتبطان بكلمة الشرف بل بعقد من المصلحة، لهما الحرية في أي وقت في التحلل منه، فلا مراسيم مهيبة ولا خطبة عظيمة ولا موسيقى رائعة ولا عمق نشوة في الانفعال، تحيل ألفاظ وعودهم إلى ذكريات لا تمحى من صفحة الذهن، ثم يقبل أحدهما صاحبه ضاحكاً، ويتوجهان إلى البيت في صخب.
إنه ليس بيتاً! فليس ثمة كوخ ينتظر الترحيب بهما أنشئ وسط الحشائش النضرة والأشجار الظليلة، بل يجب أن يخفيا أنفسهما خجلاً في زنزانة سجن، ليس هذا المسكن شيئاً روحياً كالبيت الذي كان يتخذ مظهراً ويكسب روحاً قبل ذلك بعشرين عاماً، بل مجرد شيء مادي فيه من الجفاف والبرودة ما تجده في مارستان، فهو يقوم وسط الضوضاء والحجارة والحديد.

اسم الکتاب : العلمانية - نشأتها وتطورها المؤلف : الحوالي، سفر بن عبد الرحمن    الجزء : 1  صفحة : 432
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست