العالم قد ابتدع كل طريقة يمكن تصورها لإثارة الرغبات وإشباعها [1].
وأكبر الظن أن هذا التجدد في الإقبال على اللذة قد تعاون أكثر مما نظن مع هجوم داروين على المعتقدات الدينية، وحين اكتشف الشبان والفتيات -وقد أكسبهم المال جرأة- أن الدين يشهر بملاذهم، التمسوا في العلم ألف سبب وسبب للتشهير بالدين، وأدى التزمت في حجب الحياة الجنسية والزهد فيها إلى رد فعل في الأدب وعلم النفس صوَّر الجنس مرادفاً للحياة، وقد كان علماء اللاهوت قديما يتجادلون في مسألة لمس يد الفتاة أيكون ذنبا؟ أما الآن فلنا أن ندهش ونقول: أليس من الإجرام أن نرى تلك اليد ولا نقبلها؟! لقد فقد الناس الإيمان وأخذوا يتجهون نحو الفرار من الحذر القديم إلى التجربة الطائشة.
وكانت الحرب العظمى الأولى آخر عامل في هذا التغيير؛ ذلك أن الحرب قوضت تقاليد التعاون والسلام المتكونين في ظل الصناعة والتجارة، وعودت الجنود الوحشية والإباحية، حتى إذا وضعت الحرب أوزارها عاد آلاف منهم إلى بلادهم، فكانوا بؤرة للفساد الخلقي، وأدت تلك الحرب إلى رخص قيمة الحياة بكثرة ما أطاحت من رءوس، ومهدت إلى ظهور العصابات والجرائم القائمة على الاضطرابات النفسية، وحطمت الإيمان بالعناية الإلهية، وانتزعت من الضمير سند العقيدة الدينية، وبعد انتهاء معركة الخير والشر بما فيها من مثالية ووحدة، ظهر جيل مخدوع وألقى بنفسه في أحضان الاستهتار والفردية والانحلال الخلقي، وأصبحت الحكومات في واد والشعب في واد آخر، واستأنفت الطبقات الصراع فيما بينها، واستهدفت الصناعات الربح [1] هكذا يظن ديورانت ولكن جد بعده أشياء وأشياء!!