وسائل معيشتها، مع القيام بالاحتياجات العائلية، ولكن المعامل سلختها من كل هذه الواجبات، بحيث أصبحت المنازل غير منازل، وأضحت الأولاد تشب على غير التربية الحقيقية لكونها تلقى في زوايا الإهمال، وطفئت المحبة الزوجية، وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة والقرينة المحبة للرجل، وصارت زميلته في العمل والمشاق" [1].
لكن هذه التحذيرات البالغة لم تغير من الواقع شيئاً، وإنما نبهت القوى الشريرة إلى إسكات مثل تلك الاعتراضات بإيجاد البديل غير الطبيعي، فقد شيدت المحاضن ودور الرعاية لتربية أولاد الزنا، وتنوعت الأدوية المانعة من الحمل بدلاً من المسقطة للجنين، واستطاع الهدامون أن يجعلوا تعليم البنات حقيقة واقعة وهي خطوة من غير المستطاع الرجوع عنها، كما أن الأزمات الاقتصادية -التي كان لهم دور فيها- دفعت بالعجلة إلى الأمام، وأصبحت القضية الشاغلة للنساء وللكتاب النسائيين هي المطالبة بمساواة الرجل في الأجور ومناهج التعليم والمقاعد النيابية .. إلخ، وتنوسيت المشكلة الأساسية مشكلة خروجها من البيت، حتى لم تعد تجد من يتحدث عنها.
وقام كتاب وصحفيون يفلسفون الواقع ويطالبون بالمزيد، فقال برتراند رسل: "إني لا أميز فرقاً البتة بين ما يسمونه الذكر وما يسمونه الأنثى، نعم يستحسن في المرأة التي سيعهد إليها بالعناية بالأطفال الصغار أن تتلقى قدراً معيناً من الإعداد المهني، لكن هذا لا يستلزم من الفروق إلا شبه ما بين الزارع والطحان، وهذا ليس أساسياً بأية حال من الأحوال، ولا يتطلب منا اعتباراً ونحن في مستوانا الحاضر" [2]. [1] عن دائرة المعارف فريدي وجدي: (8/ 639). [2] في التربية: (46، 256).