responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 85
ونجد بعض المسلمين ينتهج نهج هذا المصري من تصيد الأخطاء، واستلالها، دون تلمس للأعذار أو نظر للمحاسن. والعجب كل العجب كيف استزل الشيطان الناس في استباحتهم أعراض العلماء والأمراء والمشهورين من المسلمين، والتساهل في الخوض في سبهم وشتمهم، وغيبتهم، فبعض المجالس [1] لا تدور إلا بما قال هذا العالم أو فعل ذاك الأمير؛ مما قد يكون في أموره الخاصة والتي يستتر بها، وكأنه لا حرمة لهم، أو أن غيبتهم مباحة، بل الأمر يتعدى الغيبة ليصل إلى البهتان، فاحذر أخي المسلم من هذا المزلق، فإنه مؤشر خطير على سوء حال الراعي والرعية. ج- إن سبل الضلال كثيرة، وحيل الشيطان عديدة، لذلك نجد أصحاب الأهواء والفرقة المخالفين للسنة يعمدون إلى ما يصدر من أولي الأمر من أقوال أو أعمال – خاصة إن كانت مجملة أو فيها إيهام – فيعمدون إلى تأويلها تأويلا فاسدا حسب ما يشتهون، ويحاولون الاستدلال بالنصوص وفق ما يخدم مصالحهم، فهذا رجل سائل يأتي عبد الله بن عمر رضي الله عنه ويقول له: يا أبا عبد الرحمن، ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه: وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا إلى آخر الآية، فما يمنعك أن لا تقاتل كما ذكر الله في كتابه؟ فقال: يا ابن أخي أعير بهذه الآية ولا أقاتل أحب إلي من أن أعير بهذه الآية التي يقول الله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء: 93]، قال: فإن الله يقول: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ [الأنفال: 39] قال ابن عمر: قد فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كان الإسلام قليلا، فكان الرجل يفتن في دينه: إما يقتلوه، وإما يوثقوه، حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة. فلما رأى أنه لا يوافقه فيما يريد قال: فما قولك في علي وعثمان؟ قال ابن عمر: ما قولي في علي وعثمان؟ أما عثمان فكان الله قد عفا عنه، فكرهتم أن يعفو عنه، وأما علي فابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه – وأشار بيده – وهذه ابنته أو بنته حيث ترون " [2].فهذا السائل يعتقد أمرا فجاء يسأل لا سؤال استفهام ومعرفة، بل سؤال من اعتقد شيئا ويريد أن يؤيده ويحتج به، فكان السائل يرى قتال من خالف الإمام الذي يعتقد طاعته، وكان ابن عمر يرى ترك القتال فيما يتعلق بالملك، ولذلك لما رأى أن ابن عمر لا يوافقه فيما يعتقده ولا يؤيده على استدلاله، صرح بمراده وقال: " فما قولك في علي وعثمان؟ فرد عليه ابن عمر بذكر مناقبهما ومنزلتهما من النبي صلى الله عليه وسلم والاعتذار عما عابوا به عثمان [3].ومن الأمثلة على تحريف الأقوال وصرفها حسب ما يهواه السامع لا على حسب مراد القائل: أن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها أرسلت إلى ابن عمر تقول له: " بلغني أنك تحرم صوم رجب؟ فقال لها ابن عمر: فكيف بمن يصوم الأبد؟! [4].يقول الإمام أبو بكر محمد الطرطوشي (5)

[1] سواء كانت مجالس عادية، أو مجالس وأندية عبر القنوات الفضائية، أو الشبكة العنكبوتية (الإنترنت).
[2] رواه البخاري (4650).
[3] انظر ((فتح الباري)) (8/ 310).
[4] انظر كتاب الحوادث والبدع للطرطوشي (2 141).
(5) هو: أبو بكر محمد بن الوليد بن أيوب الفهري الأندلسي الطرطوشي، الفقيه، شيخ المالكية، وعالم الإسكندرية كان إماما عالما، زاهدا ورعا. توفي سنة 520هـ. انظر: ((السير)) (19/ 490)، الوفيات (4/ 262) ..
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 85
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست