اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 67
المبحث الخامس: الغلو في الدين، وردود الأفعال لقد جاء الإسلام آمرا بالاعتدال والاقتصاد والوسطية في كل أمر [1]، حتى ميزت هذه الأمة وخصت بذلك، قال سبحانه وتعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة: 143].
وقال سبحانه آمرا بالاستقامة والاعتدال، ناهيا عن الغلو والطغيان: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [هود: 112]. وحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغلو ومجاوزة الحد المشروع لنا، فقال عليه الصلاة والسلام ناهيا عن الغلو، مبينا أنه سبب هلاك من قبلنا: ((إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين)) [2].وبين عليه السلام أن هذا المتنطع الغالي المتعمق، المجاوز للحد في قوله وفعله [3] هالك لا محالة فيقول: ((هلك المتنطعون)) قالها ثلاثا [4].
ويقول سبحانه وتعالى في شأن أهل الكتاب ناهيا إياهم عن الغلو: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً [النساء: 171].
ويقول سبحانه وتعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ [المائدة: 77]. ويبين الإمام الطحاوي اعتدال هذا الدين وبعده عن الغلو فيقول: " ودين الله في الأرض والسماء واحد وهو دين الإسلام. . وهو بين الغلو والتقصير، وبين التشبيه والتعطيل، وبين الجبر والقدر، وبين الأمن والإياس [5].
والناظر لأقوال الفرق المبتدعة التي فرقت الأمة بذلك يجدها خرجت بسبب الغلو والتقصير، فالمعطلة غلوا في التنزيه وقصروا في الإثبات، والمشبهة غلوا في الإثبات وقصروا في التنزيه، وكلاهما أخذ ببعض النصوص وترك بعضا، والحق في الاعتدال والجمع بين النصوص. [1] انظر في ذلك ((الفتاوى)) (3/ 244، 247، 250 – 252)، ((الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية)) (2/ 133). [2] ((سنن النسائي))، كتاب المناسك، باب التقاط الحصى (5/ 278)، سنن ابن ماجة، كتاب المناسك، باب قدر حصى الرمي (2/ 1008)، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي له (2/ 640). [3] انظر ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (16/ 220). [4] رواه مسلم (2670). [5] ((شرح العقيدة الطحاوية)) (2/ 786)، وانظر مستفيدا كتاب ((وسطية أهل السنة بين الفرق)) لمحمد باكريم محمد باعبد الله (ص 303).
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 67