responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 482
فالأفول – إذاً – باتفاق أهل اللغة جميعاً، وعلماء التفسير، وكل من يعرف معاني القرآن: هو المغيب، والاختفاء، والاحتجاب. يقول الأزهري – وهو أحد علماء اللغة -: "يقال: أفلت الشمس تأفل وتأفل أفلا وأفولا، فهي آفلة، وكذلك القمر يأفل إذا غاب قال الله تعالى: فَلَمَّا أَفَلَ [الأنعام: 76 - 77]: أي غاب وغرب" [1].
وقال ابن فارس: "أفلت الشمس: غابت ونجم أفل وكل شيء غاب فهو آفل .. - إلى أن قال:- وإبراهيم عليه السلام قال: لا أُحِبُّ الآفِلِينَ [الأنعام: 76]؛ حين غابت الكواكب واحتجبت" [2].ولم يشذ عن هذا أحد من أهل اللغة [3].
فعلم أن اللغة تدحض حججهم .. بل إن من يعرف معاني القرآن ليجزم أن معنى الأفول هو الغياب والاحتجاب، وليس معناه التحرك والتغير [4].
وأما من واقع الحال:
فلم يكن قصد الخليل إبراهيم عليه السلام الاستدلال بالحركة والسكون على أن هذه الكواكب حادثة لا تصلح للألوهية – كما زعم المبتدعة.
لذلك لما رآها تتحرك لم يقل: لا أُحِبُّ الآفِلِينَ، وإنما قال ذلك عندما غابت واحتجبت ..
فمعلوم أن القمر لما بزغ، كان في بزوغه متحركاً إلى أن غاب ..
وكذلك الشمس لما بزغت، كانت في بزوغها متحركة إلى أن غابت .. فلو كان إبراهيم عليه السلام يقصد الاستدلال بالحركة التي يسميها المبتدعة – تغيراً – لكان قد قال ذلك – لا أُحِبُّ الآفِلِينَ – حين رأى القمر، أو الشمس بازغين، ولما انتظر أفولهما، "بل كان نفس الحركة التي يشاهدها حين تطلع إلى أن تغيب هي الأفول" [5].يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مخاطباً المبتدعة الذين استدلوا بالأفول على الحدوث: "إن قصة الخليل عليه السلام حجة عليكم؛ فإنه لما رأى كوكباً وتحرك إلى الغروب فقد تحرك، ولم يجعله آفلاً. فلما رأى الشمس بازغة علم أنها متحركة، ولم يجعلها آفلة. ولما تحركت إلى أن غابت، والقمر إلى أن غاب لم يجعله آفلاً" [6].
فلو كانت الحركة التي ظهرت في الشمس – مثلاً – حين بزوغها هي الدليل على الحدوث، لكان الخليل عليه السلام من حين بزغت استدل بتلك الحركة على حدوثها، ولما انتظر إلى أن غابت ..
فدل ذلك على أن الحركة ليست دليلاً على نفس مطلوبه، بل الأفول هو الدليل .. فعلم بذلك أن ما ذكر من التغير والحركة والانتقال لم يناف مقصود إبراهيم عليه السلام، وإنما نافاه التغيب والاحتجاب [7].

[1] ((تهذيب اللغة)) للأزهري (15/ 378).
[2] ((معجم مقاييس اللغة)) لابن فارس (1/ 119).
[3] انظر: ((الصحاح للجوهري)) (4/ 1623). و ((القاموس المحيط للفيروز آبادي)) (ص: 1242). و ((لسان العرب)) لابن منظور (11/ 18). و ((المعجم الوسيط)) (ص: 21) وغير ذلك كثير.
[4] انظر مثلا: ((معالم التنزيل)) للبغوي (2/ 90، 91). و ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (2/ 151). و ((روح المعاني للألوسي)) (7/ 199) وغير ذلك.
[5] ((منهاج السنة النبوية)) لابن تيمية (2/ 196).
[6] ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (6/ 285). وانظر من كتب ابن تيمية: المصدر نفسه (6/ 253) و ((بغية المرتاد)) (ص: 360) ((ومنهاج السنة النبوية)) (2/ 196) و ((شرح حديث النزول)) (ص: 166) و ((درء تعارض العقل والنقل)) (1/ 313، 314، 2/ 216، 4/ 77، 8/ 356). و ((رسالة في الصفات الاختيارية ضمن جامع الرسائل)) (2/ 50 - 51).
[7] ((درء تعارض العقل والنقل)) لابن تيمية (4/ 77).
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 482
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست