responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 44
ويقول المولى سبحانه محذرا المؤمنين من أن تنطلي عليهم حيل الشيطان ومكائده يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُون [المائدة:90ـ 91].فالشيطان حريص على إيقاع العداوة والبغضاء بين المؤمنين ليفترقوا وهو يسلك كل سبيل ليصل إلى هدفه بل إن من الأعمال المحببة إليه التفريق بين الرجل وزوجته وبضعف الأسرة يضعف المجتمع ويضعف أفراده ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا فيقول: ما صنعت شيئا ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال: فيدنيه منه ويقول: نِعمَ أنت)) [1].
بل إن التفريق بين الناس جماعات وأفرادا هي من مكائده وحبائله منذ قديم الزمان فهاهو ذا يسعى بالتفريق بين يوسف عليه السلام وإخوته إذ يلقي العداوة والبغضاء في نفوس إخوة يوسف لأخيهم يوسف عليه السلام فيقدمون على التخلص منه بإلقائه في البئر يقول تعالى حاكيا عن يوسف: وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [يوسف: 100] وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم)) [2].ومعناه: أيس أن يعبده أهل جزيرة العرب ولكنه سعى في التحريش بينهم بالخصومات والشحناء والحروب والفتن ونحوها [3].ولذلك حرص الإسلام أشد الحرص على سد هذه الطرق في وجه الشيطان فلا يستطيع أن يلج منها ليفرق بين المؤمنين فاعتنى الإسلام بغرس معنى المحبة الإيمانية في القلوب وجعلها من أوثق عرى الإيمان وصان وحافظ على الحقوق الأخوية بالنهي عن التباغض والتحاسد والتجسس وكل ما يورث عداوة وفرقة بين المسلمين بل جعل شرط كمال الإيمان أن يحب المرء ما يحبه لنفسه ودلنا على كل ما يوطد الحب في الله ليتحقق الجسد الواحد والبناء المتراص المتلاحم الذي يصمد ويتصدى لخطط الشيطان ومكائده في التحريش بين المسلمين (4)
يقول الله تعالى: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا [الإسراء: 53] يقول الحافظ إسماعيل بن كثير رحمه الله عن هذه الآية: يأمر تبارك وتعالى عبده ورسوله أن يأمر عباد الله المؤمنين أن يقولوا في مخاطبتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة فإنهم إن لم يفعلوا ذلك نزغ الشيطان بينهم وأخرج الكلام إلى الفعال ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة فإنه عدو لآدم وذريته من حين امتنع عن السجود لآدم, وعداوته ظاهرة بينة ولهذا نهى أن يشير الرجل إلى أخيه المسلم بحديدة فإن الشيطان ينزغ في يده أي: فربما أصابه (5)

[1] رواه مسلم (2813). من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
[2] رواه مسلم (2812) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
[3] ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (17/ 156).
(4) انظر ((تفسير ابن كثير)) (3/ 45).
(5) انظر ((تفسير القرطبي)) (3/) 17.
اسم الکتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 44
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست